الملك شعره ووصله، ثم دعي بالطعام فطعم منه، فقال له عبد الملك: هل لك فيما يتنادم عليه؟ قال: يا أمير المؤمنين تأملني، قال: قد أراك، قال: يا أمير المؤمنين، جلدي أسود، وخلقي مشوّه، ووجهي قبيح، ولست في منصب؛ وإنما بلغ بي مجالستك ومؤاكلتك عقلي، فأنا أكره أن أدخل عليه ما ينقصه، فأعجبه كلامه وأعفاه.
٩٤٥- سمع عالم قول شاعر:[من الرمل المجزوء]
ما لها تحرم في الدن ... يا وفي الجنّة تنهلّ
فقال: لصداع الرأس ونزف العقل؛ ذهب إلى قوله تعالى: لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ
. (الواقعة: ١٩) .
«٩٤٦» - قال الحسن: لو كان العقل عرضا لتغالى الناس في ثمنه، فالعجب أن يشتري بماله شيئا فيشربه فيذهب عقله.
٩٤٧- وعن عبد الله بن الأهتم: لو كان العقل يشترى ما كان علق أنفس منه، فالعجب لمن يشتري الحمق بماله فيدخله رأسه، فيقيء في رأسه وجيبه، ويسلح في ذيله، يمسي محمرّا، ويصبح مصفرّا.
٩٤٨- كان لأردشير غلامان ذكيّان يتوكّلان بحفظ ألفاظه إذا غلب عليه السكر، أحدهما يملي والآخر يكتب حرفا حرفا، فإذا صحا قرىء عليه، فإذا كان فيه شيء خارج من أمر الملوك وآدابهم جعل على نفسه أن لا يزمزم ذلك اليوم إلا على خبز الشعير والجبن عقوبة لنفسه.
«٩٤٩» - قال الوليد بن عبد الملك للحجّاج في وفدة وفدها عليه وقد أكلا:
هل لك في الشراب؟ فقال: يا أمير المؤمنين، ليس بحرام ما أحللته، ولكني أمنع