في روضة راضها الربيع وما ... قصّر في وشي بردها المطر
وقد نأى النأي بالعقول وما ... قصّر في نيل وتره الوتر
«١٠٢٧» - أتي الوليد بن يزيد بشراعة بن الزّندبوذ من الكوفة، فحين رآه لم يسأله عن نفسه ولا عن سفره حتى قال له: يا شراعة، والله إني ما أرسلت إليك لأسألك عن كتاب الله، ولا عن سنّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم. قال: والله لو سألتني عنهما لألفيتني فيهما حمارا. قال: ولكني أرسلت إليك لأسألك عن الفتوّة. قال:
دهقانها الخبير، وطبيبها الرفيق، سل. قال: أخبرني عن الماء؟ قال: لا بدّ منه، والحمار شريكي فيه. قال: فما تقول في اللبن؟ قال: ما رأيته قطّ إلا استحييت من أمي من طول ما أرضعتنيه. قال: فالسويق؟ قال: شراب الحزين والمستعجل والمريض. قال: فما تقول في نبيذ التمر؟ قال: سريع الملء سريع الانفشاش، ضراط كلّه. قال: فما تقول في نبيذ الزبيب؟ قال: حومة حاموا بها حول الشراب. قال: فما تقول في الخمر؟ قال: تلك صديقة روحي. قال:
وأنت صديقي، أقعد. أي الطعام أحبّ إليك؟ قال: يا أمير المؤمنين، ليس لصاحب النبيذ على الطعام حكم، إلا أنّ أشهاه إليه أمرؤه، وأنفعه أدسمه.
قال: فأيّ المجالس أحبّ إليك؟ قال: البراز ما لم تحرقه الشمس ويغرقه المطر؛ والله يا أمير المؤمنين ما شرب الناس على وجه أحسن من وجه السماء.
١٠٢٨- قال أحمد بن أبي خالد: دخلت على المأمون وهو قاعد يصفّي نبيذا بيده، فبادرت لأتولّى ذلك فقال: مه! أما أحد يكفيني هذا؟! ولكن مجراه على كبدي فأحببت أن أتولاه بيدي.