قال: فرقص الرشيد ورقصت معه، ثم قال: امض بنا فإني أخاف أن يبدو منّا ما هو أكثر من هذا. فلما صرنا إلى الدّهليز قال وهو قابض على يدي: هل عرفت هذه المرأة؟ قلت: لا يا أمير المؤمنين، قال: هذه عليّة بنت المهدي، والله لئن لفظت به بين يدي أحد وبلغني لأقتلنّك. قال: فسمعت جدّي يقول له: فقد والله لفظت به بين يدي أحد، وو الله ليقتلنّك! فاصنع ما أنت صانع.
«٨٢» - قال بعض البصريين: كنّا لمّة نجتمع ولا يفارق بعضنا بعضا. فكنّا على عدد أيام الجمعة كلّ يوم عند أحدنا، فضجرنا من المقام في المنازل، فقال بعضنا: لو عزمتم فخرجنا إلى بعض البساتين. فخرجنا إلى بستان قريب منّا، فبينا نحن فيه إذ سمعنا ضجة راعتنا، فقلت للبستانيّ: ما هذا؟ فقال: هؤلاء نسوة لهنّ قصّة، فقلت له أنا دون أصحابي: وما هي؟ قال: العيان أكبر من الخبر، فقم حتى أريك وحدك. فقلت لأصحابي: أقسمت عليكم ألا يبرح أحد منكم حتى أعود. فنهضت وحدي فصعدت إلى موضع أشرف عليهنّ وأراهنّ ولا يرينني؛ فرأيت نسوة أربعا أحسن ما يكون من النساء وأشكلهنّ، ومعهن خدّام لهنّ وأشياء قد أصلحت من طعام وشراب وآلة. فلما اطمأنّ بهنّ المجلس جاء الخادم لهنّ معه خمسة أجزاء، فدفع إلى كلّ واحدة منهن جزءا، ووضع الجزء الخامس بينهنّ. فقرأن أحسن قراءة، ثم أخذن الجزء الخامس فقرأت كلّ واحدة منهن ربع الجزء، ثم أخرجن صورة معهنّ في ثوب دبيقي، فبسطنها بينهنّ، فبكين عليها ودعون لها، ثم أخذن في النّوح، فقالت الأولى: