للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيمينه فإنّ الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله» . وحملوا هذا الكلام على وجهين: أحدهما التشبّه بالشياطين، والآخر أن تكون الهاء ضميرا للآكل الشارب، يريد أنّ الشيطان يشركه في طعامه وشرابه إذا تناولهما بشماله.

«١٢٥» - قال الجارود بن أبي سبرة: قال لي بلال بن أبي بردة: أتحضر طعام هذا الشّيخ؟ يعني عبد الأعلى بن عامر بن كريز، قلت: إيها، قال: فحدّثني عنه، قلت: نأتيه فإن سكتنا أحسن [الحديث] [١] ، وإن حدّثنا أحسن الاستماع، فإذا حضر الغداء جاء قهرمانه فتمثّل بين يديه فقال: عندي بطّة كذا، ودجاجة كذا، ولون كذا، لكي [يحبس] كلّ امرىء نفسه لما تشتهي، فإذا وضع الخوان خوّى [٢] تخوية الظليم فما له إلا موضع متّكئه، فيجدّ القوم ويهزلوا، حتى إذا رآهم قد فتروا أكل أكل الجائع لينشّطهم بأكله.

١٢٦- وروي أن الحسن بن عليّ عليهما السلام مرّ على مساكين وهم يأكلون كسرا لهم على كساء، فسلّم فقالوا: يا أبا عبد الله، الغداء، فنزل وأكل معهم وقرأ: إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ

(النحل: ٢٣) . ثم قال لهم: [قد أجبتكم] فأجيبوني. فانطلقوا، فلما أتى المنزل قال: يا رباب، أخرجي ما كنت تدّخرين.

١٢٧- قال العتبيّ: كان زياد يغدي ويعشّي إلا يوم الجمعة، فإنه كان يعشي ولا يغدّي، وكان لا يطعم طعاما إلا مع العامة، فأتاه يوما مولاه بشهدة فوضعها على المائدة، فأمسك لتؤتى العامة بمثلها، فلما أبطأ قال: ما هذه؟ قال: لم يكن عندنا ما يشبع العامة، فأمر بها فرفعت ثم لم تعد حتى


[١] عيون الأخبار: وكان سكّيتا، إن حدثنا أحسن الحديث.
[٢] خوّى الرجل: فرّج ما بين عضديه وجنبيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>