ذهبية، كأنّما حشيت زبدا وعسلا، وخبيصا مرملا، أطيب الثمر، كأنّه مخ الشجر، سهل المقشر، ليّن المكسر، عذب المطعم بين الطعوم، يتسلسل في الحلقوم. ثم مدّ يده فأخذ وأكل.
٣٠١- زعم الطباخون أنّ الديكبريكة [؟] لا يكمل طيبها، ولا يذكو ريحها حتى تبرد وتسخّن، فيغرف منها ثلاث غرفات: حارّة، وباردة، ومسخّنة. والسّكباج أخت الديكبريكة وشبيهتها، فتؤكل ألوانا: أولّها ثردة تشرب سكرا، ثم ثردتها الساذجة المعروفة، ثم لحمها حارّا وباردا، ثم يصفّى مرقها ويعرّى من الدّسم ويثرد فيها فتؤكل باردة.
٣٠٢- وكان بنو الفرات وغيرهم من أرباب النعمة بالعراق يتقدّمون بعمل هذا الطعام: يؤخذ لحم عجل رخص فيغسل وينشّف، ويوضع في قدر، ويصبّ عليه من خلّ الكرم الجيد الصافي فوق غمره، ومن الزيت الخالص قدر الراحة، ويجعل معه السّذاب والكرفس، ويضاف إلى ذلك قشور الأترجّ أو قداحه، وقشور السّفرجل وقشور التفاح الشامي، والكسفرة اليابسة والزعفران، ويترك على النار حتى يسكن، ويصفّى ويجعل في خماسيات ويحكم صمامها، فإذا احتيج إليه عند اتّخاذه، عمل بهذا الخلّ على الصفة المعروفة التي ينقع فيها اللوز والسّكر، وعلى هذا اخترع بعض الخلفاء أن يطبخ البطّ [ ... ] الملقم بالخلّ الحاذق الذكي ويصفّى ويعمل به أنواع القلايا وما يجري مجراها من المحرّقات.
٣٠٣- وكان يوصف ببغداد فالوذجة الحسن بن سهل، وخبيصة يحيى بن خالد، وأرزة عمرو بن مسعدة، ولوزينجة حميد الطّوسيّ، وقطايف صالح صاحب المصلّى.
٣٠٤- حكي أنّ المأمون مضى إلى المدائن متنكّرا ومعه بعض الأصحاب، فأكل من جوذابها فقال: يا أمير المؤمنين، إنّه من طعام العامة! فقال: إنّ العامة تشركنا في الماء البارد، فهل نترك شربه لأجلهم؟!