للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنّ هذا يدلّ بخاصة منك. قال صدق، وسأخبرك ما ينفعه عندي من مودته، إن يكن الحقّ له عليك آخذك به أخذا عنيفا، وإن يكن الحق لك عليه أقض عليه ثم أقضي عنه.

وهذا في ظنّ زياد غاية العدل، والمستحسن الخالص ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: اللهم إن كنت تعلم أني أبالي إذا قعد الخصمان بين يديّ على أيهما كان الحقّ فلا تمهلني طرفة عين.

[١٠٧٢]- كان المنصور داهيا أريبا سديد الرأي، وكان مقدّما في علم الكلام مكثرا من كتب «١» الآثار، فلما همّ بقتل أبي مسلم سقط بين الاستبداد برأيه والمشاورة فيه، فأرق ليلته في ذلك، فلما أصبح دعا باسحاق بن مسلم العقيلي وقال له: حدّثني حديث الملك الذي أخبرتني عنه بحرّان، قال: أخبرني أبي عن الحضين بن المنذر أن ملكا من ملوك فارس يقال له سابور ذو الاكتاف «٢» كان له وزير ناصح قد اقتبس أدبا من أدب الملوك وشاب ذلك بفهم في الدين، فوجّهه سابور داعية إلى أهل خراسان، وكانوا قوما عجما يعظّمون الدنيا جهالة بالدين، وكان يقال: لكلّ ضعيف صولة، ولكلّ ذليل دولة. فلما تلاحمت أعضاء الأمور التي لقّح، استحالت حربا عوانا شالت أسافلها بأعاليها فانتقل العزّ إلى أذلّهم «٣» والنباهة إلى أخملهم، فاشربوا له حبا، فلمّا استوسقت له البلاد بلغ سابور أمرهم و [ما] أحال عليه [من] طاعتهم، ثم لم يأمن زوال القلوب وغدرات الوزراء، فاحتال في قطع رجائه عن قلوبهم، وكان يقال: [من الوافر] .


[١٠٧٢] البيان والتبيين ٣: ٣٦٧- ٣٧٠.
٢٧ ١ التذكرة

<<  <  ج: ص:  >  >>