للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدا، الرقيقة خلقا، الحسيبة أبا، فإن طلّقني فلا أخلف الله عليه بخير.

قال، فخرج إلينا وقال: قد زوجتك يا حار بهيسة بنت أوس، قال:

قد قبلت؛ فأمر أمّها أن تهيّئها وتصلح من شأنها، ثم أمر ببيت فضرب له وأنزله إيّاه، ثم خرج إليّ فقلت: أفرغت من شأنك؟ فقال:

لا، قلت: وكيف؟ قال: لما مددت يدي إليها قالت: مه أعند أهلي [١] وإخوتي؟! هذا والله ما لا يكون، قال: فأمر بالرحلة فارتحلنا بها معنا، فسرنا ما شاء الله ثم قال لي: تقدّم فتقدّمت، وعدل بها عن الطريق، فما لبث أن لحقني فقلت: أفرغت؟ قال: لا والله قلت:

ولم؟ قال: قالت لي: أكما يفعل بالأمة الجليبة والسبيّة الأخيذة؟ لا والله حتى تنحر وتذبح [٢] وتدعو العرب وتعمل ما يعمل لمثلي، قال: قلت والله إني لأرى همّة وأرى عقلا وإني لأرجو أن تكون المرأة النجيبة. فرحلنا حتى جئنا بلادنا فأحضر الإبل والغنم ودخل عليها ثم خرج فقلت: أفرغت؟ قال: لا والله، قلت: ولم؟ قال: دخلت عليها أريدها، وقلت لها: قد أحضرنا من المال ما تريدين [٣] . فقالت: والله لقد ذكرت لي من الشرف بما لا أراه فيك، قلت: وكيف؟ قالت: أتتفرغ لنكاح النساء والعرب يأكل بعضها بعضا؟! وذلك في أيام حرب عبس وذبيان. قلت: فتقولين ماذا؟ فقالت: اخرج إلى هؤلاء القوم فأصلح بينهم ثم ارجع إلى أهلك فلن يفوتوك، فقلت: والله إني لأرى همة وعقلا ولقد قالت قولا. قال: فاخرج بنا، فخرجنا حتى أتينا القوم فمشينا بينهم بالصلح، فاصطلحوا على أن يحسبوا [٤] القتلى ثم يؤخذ الفضل ممن هو عليه، فحملنا عنهم الديات فكانت ثلاثة آلاف بعير في ثلاث سنين،


[١] الأغاني: أبي.
[٢] الأغاني: حتى تنحر الجزر وتذبح الغنم.
[٣] الأغاني: ما قد ترين.
[٤] الأغاني: يحتسبوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>