للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالأمس ووطئتم حرمنا، حرّقتم علينا، فدفعنا عن أنفسنا ولا حاجة لنا في الشرّ ما أصبنا في الخير مسلكا، فتيمموا بنا طريقة قاصدة. فوجّه إليه زياد بن عمرو: تحيّر [١] خلّة من ثلاث: إن شئت فانزل أنت وقومك على حكمنا، وإن شئت فخلّ لنا عن البصرة وارحل أنت وقومك إلى حيث شئتم، وإلا فدوا قتلانا واهدروا دماءكم وليؤدّ مسعود دية المشعرة. (قوله: دية المشعرة يريد أمر [الملوك في] الجاهلية، وكان الرجل إذا قتل وهو من أهل بيت المملكة ودي عشر ديات) . فبعث إليه الأحنف: سنختار، فانصرفوا في يومكم، فهزّ القوم راياتهم وانصرفوا، فلما كان من الغد بعث إليهم: إنكم خيرتمونا خلالا ليس فيها خيار، أمّا النزول على حكمكم فكيف يكون والكلم يقطر [دما] [٢] ، وأما ترك ديارنا فهو أخو القتل، قال الله عز وجل: وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ

(النساء: ٦٦) ولكن الثالثة إنما هي حمل على المال، فنحن نبطل دماءنا وندي قتلاكم، وإنما مسعود رجل من المسلمين، وقد أذهب الله عز وجل أمر الجاهليّة. فاجتمع القوم على أن يقضوا [٣] أمر مسعود، ويغمد السيف، ويودى سائر القتلى من الأزد وربيعة، فتضمن ذلك الأحنف ودفع إياس بن قتادة المجاشعي رهينة حتى يؤدّى هذا المال، فرضي به القوم، ففخر بذلك الفرزدق فقال: [من الطويل]

ومنا الذي أعطى يديه رهينة ... لغاري معد يوم ضرب الجماجم

عشية سال المربدان كلاهما ... عجاجة موت بالسيوف الصوارم

هنالك لو تبغي كليبا وجدتها ... أذلّ من القردان تحت المناسم

ويقال إن تميما في ذلك الوقت اجتمعت مع باديتها وحلفائها من الأساورة والزطّ والسيابجة وغيرهم فكانوا زهاء سبعين ألفا. قال الأحنف: فكثرت


[١] م: يخيره.
[٢] م: والكلام تقطر.
[٣] م والكامل: يقفوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>