للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢١٠- ولما أوقع الواثق بأحمد بن الخصيب وسليمان بن وهب جعل سليمان في يد عمر بن فرج الرخّجي، ثم وجّه إليه يوما: طالب سليمان بمائة ألف دينار يؤديها بعد الذي أخذ منه، فإن أذعن بها وإلا فجرّده واضربه مائة سوط، ولا تتوقف عن هذا لحظة واحدة، ففعل عمر ما أمره به، فهو في ذلك إذ طلع عليه [١] محمد بن عبد الملك الزيات، وهو الوزير حينئذ وأبوه الوزير، وكانا عدوّيه، فلما رآهما سليمان أيقن بالهلاك، وعلم أنّ الجلّادين سيجوّدون [٢] ضربه لما يعرفون من عداوتهما له، فلما دنا منه محمد بن عبد الملك الزيات قال له: يا أبا أيوب ليس إلا؟ قال له سليمان: ليس إلا، فقال للجلادين حطّوه، ففعلوا، فقال: بكم تطالب؟ قال: بمائة ألف دينار وما أملك زكاتها، فقال له: اكتب خطّك بها، فقال: أكتب وليس معي ما أؤديه؟ فقال له: إنّ عمالك ما أدّوا شيئا ونحن نقسّط عليهم خمسين ألف دينار، ونلزم في أموالنا خمسين ألف دينار؛ ثم التفت إلى عمر فقال: ابعث من يقبض المال، ثم قالا [٣] : يا أبا أيوب إنا على جملتنا في عداوتك، وإنما فعلنا هذا للحرية، وأن تكون وأنت حرّ على مثل هذه الصورة فلا نتخلّصك، فلا تعتقد غير هذا.

٢١١- ويشبه هذا ما ذكر أنّ أحمد بن المدبر لما اجتمع الكتّاب عليه وخانوه حتى نفي إلى أنطاكية وخرج إلى مضربه بظاهر سرّ من رأى أتاه المعلّى ابن أيوب وكان من أعدى الناس له، فقال له: قد عرفت حالك وشغل قلبك بمخلّفيك وضيعتك، فلا تهتمّ بشيء من ذلكم ولا تفكّر فيه، فإنني النائب عنك في جميعه حتى لا تبالي ألا تكون حضرته، وهذه سبعة آلاف دينار


[١] عليه: سقطت من ر م.
[٢] م: سيجيدون.
[٣] م: قال.

<<  <  ج: ص:  >  >>