ومعه حق فيه جوهر وقال له: قصّرت غلاتنا، وأغفل أمرنا خليفتنا، وتزايدت مؤونتنا، ولزمنا دين احتجنا لأدائه إلى ألف ألف درهم، وكرهت بذل وجهي للتجار وإذالة عرضي بينهم، ولك من يعطيك منهم، ومعي رهن ثقة بذاك، فإن رأيت أن تأمر بعضهم بقبضه وحمل المال إلينا، فدعا الفضل بالحق فرأى ما فيه وختمه بخاتم محمد بن إبراهيم ثم قال له: نجح الحاجة أن تقيم في منزلنا [١] ، فقال له: إنّ في المقام عليّ مشقّة، قال له: وما يشقّ عليك من ذلك؟ إن رأيت أن تلبس شيئا من ثيابنا دعوت به، وإلا أمرت باحضار ثياب من منزلك، فأقام، ونهض الفضل فدعا بوكيله وأمر بحمل المال وتسليمه إلى خادم محمد بن إبراهيم وتسليم الحقّ الذي فيه الجوهر إليه بخاتمه وأخذ خطّه بقبضها، ففعل الوكيل ذلك، وأقام محمد عنده إلى المغرب وليس عنده شيء من الخبر، ثم انصرف إلى منزله فرأى المال، وأحضره الخادم الحقّ، فغدا على الفضل يشكره فوجده قد سبقه بالركوب إلى دار الرشيد، فوقف منتظرا له، فقيل له قد خرج من الباب الآخر قاصدا منزله، فانصرف عنه فلما وصل إلى منزله وجّه إليه الفضل ألف درهم آخر، فغدا عليه فشكره وأطال، فأخبره بأنه باكر إلى أمير المؤمنين فأعلمه حاله فأمره بالتقدير له ولم يزل يماكسه إلى أن تقرر الأمر معه على ألف ألف درهم، وأنه ذكر أنه لم يصلك بمثلها قطّ ولا زادك على عشرين ألف دينار، فشكرته وسألته أن يصكّ بها صكا بخطه ويجعلني الرسول، فقال له محمد: صدق أمير المؤمنين إنه لم يصلني قط بأكثر من عشرين ألف دينار، وهذا إنما تهيأ بك وعلى يدك، وما أقدر على شيء أقضي به حقّك ولا شكر أوازي به معروفك، غير أنّ علي وعليّ- وحلف أيمانا مؤكدة- إن وقفت بباب أحد سواك أبدا، ولا سألت حاجة أحدا غيرك ولو سففت التراب. فكان لا يركب إلى غير الفضل إلى أن حدث من أمرهم ما