للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معاوية: أما بعد، فإن التفهم في الخير زيادة ورشد، وان المتثبت مصيب والعجل مخطىء، وإن لم ينفعه الرفق ضرّه الخرق، ومن لم تعظه التجارب لم يدرك المعالي، ولا يبلغ الرجل أعلى المبالغ حتى يغلب حلمه جهله، والعاقل سليم من الزلل بالتثبت والأناة وترك العجلة، ولا يزال العجل يجتني ثمرة الندم.

«٢٦٤» - وقال معاوية يوما: ما ولدت قرشية خيرا لقريش مني، فقال ابن زرارة: بل ما ولدت شرا لهم منك، فقال: كيف؟ قال لأنك عوّدتهم عادة يطلبونها ممن بعدك فلا يجيبونهم إليها، فيحملون عليهم كحملهم عليك فلا يحتملون، وكأني بهم كالزقاق المنفوخة على طرقات المدينة.

«٢٦٥» - والأحنف بن قيس السعدي ثم أحد بني منقر قد اشتهر عند الناس بالحلم، وبذاك ساد عشيرته، وكان يقول: لست بحليم ولكني أتحالم، قلة رضى عن نفسه بما استكثره الناس منه، وهو اقتفى بقيس بن عاصم المنقريّ، وقال: كنا نختلف إليه في الحلم كما نختلف إلى الفقهاء في الفقه.

«٢٦٦» - وقال الأحنف: حضرت قيس بن عاصم وقد أتوه بابن أخ له قتل ابنه، فجاءوه به مكتوفا يقاد إليه، فقال: ذعرتم الفتى، ثم أقبل عليه فقال: يا بنيّ نقصت عددك، وأوهنت ركنك، وفتتّ في عضدك، وأشمتّ عدوك، وأسأت بقومك، خلّوا سبيله واحملوا إلى أمّ المقتول ديته، فانصرف القاتل وما حلّ قيس حبوته ولا تغيّر وجهه.

<<  <  ج: ص:  >  >>