ورائي، وألقى عليه رداءه، ورجع صاحبه، فلما رأى ذلك أصلت له بالسيف وقال له: أسيري، فنثل المجير كنانته وقال: والله لأرمينّك إن رميته، فإني قد أجرته، فخلّى عنه؛ فنجا إلى أبيه فقال له: من أجارك؟ قال: والله ما أعرفه، فقال أبو خراش:[من الطويل]
حمدت الهي بعد عروة إذ نجا ... خراش وبعض الشرّ أهون من بعض
يقول فيها:
ولم أدر من ألقى عليه رداءه ... سوى أنه قد سلّ عن ماجد محض
«٣٢٣» - وكان الفرزدق شريفا، وكان يجير من عاذ بقبر أبيه غالب بن صعصعة، فممن استجار بقبره فأجاره امرأة من بني جعفر بن كلاب خافت لما هجا الفرزدق بني جعفر أن يسمّيها ويسبّها، فعاذت بقبر أبيه، فلم يذكر لها اسما ولا نسبا، ولكن قال في كلمته التي يهجو فيها بني جعفر بن كلاب:
[من الطويل]
عجوز تصلّي الخمس عاذت بغالب ... فلا والذي عاذت به لا أضيرها
«٣٢٤» - ومن ذلك أنّ الحجاج لما ولّى تميم بن زيد القيني السنّد، دخل البصرة فجعل يخرج من أهلها من شاء، فجاءت عجوز إلى الفرزدق فقالت:
إني استجرت بقبر أبيك، وأتت منه بحصيّات، فقال: ما شأنك؟ قالت:
إن تميم بن زيد خرج بابن لي معه، ولا قرّة لعيني ولا كاسب عليّ غيره، فقال لها: وما اسم ابنك؟ قالت: حبيش، فكتب إلى تميم مع بعض من