للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«٣٧٦» - وقال علي بن أبي طالب عليه السلام: يا سبحان الله ما أزهد كثيرا من الناس في الخير، عجبت لرجل يجيئه أخوه في حاجة فلا يرى نفسه للخير أهلا، فلو كنا لا نرجو جنّة ولا نخشى نارا، ولا ننتظر ثوابا ولا عقابا، لكان ينبغي أن نطلب مكارم الأخلاق، فإنها تدلّ على سبل النجاة، فقام رجل فقال: فداك أبي وأمي يا أمير المؤمنين أسمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟

قال: نعم، وما هو خير منه، لما أتينا بسبايا طيء [١] كانت في النساء جارية حمّاء حوراء، لعساء لمياء عيطاء، شماء الأنف، معتدلة القامة، درماء الكعبين، خدلّجة الساقين، لفاء الفخذين، خميصة الخصر، ظاهرة الكشح، مصقولة المتن، فلما رأيتها أعجبت بها، فقلت: لأطلبنّ إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يجعلها من فيئي، فلما تكلمت نسيت جمالها لما سمعت من فصاحتها، فقالت: يا محمد هلك الوالد، وغاب الوافد، فإن رأيت أن تخلّي عني ولا تشمت بي أحياء العرب، فإني بنت سيد قومي، كان أبي يفكّ العاني، ويحمي الذمار، ويقري الضيف، ويشبع الجائع، ويفرّج عن المكروب، ويطعم الطعام، ويفشي السلام، لم يردد [٢] طالب حاجة قط، أنا ابنة حاتم الطائي؛ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يا جارية هذه صفة المؤمن، لو كان أبوك إسلاميا لترحمنا عليه، خلّوا عنها فإن أباها كان يحبّ مكارم الأخلاق والله يحبّ مكارم الأخلاق.

٣٧٧- ومن كلام عليّ عليه السلام: إن الله تعالى جعل مكارم الأخلاق وصلة بينه وبين عباده، فحسب أحدكم أن يتمسك بخلق متصل بالله


[١] م: بني طيء.
[٢] ر: ولم يردّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>