للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضيّ الأفعال حليما ركينا، حتى لو ادّعى اجتماع مكارم الأخلاق فيه لكان أهلا للدعوى؛ وسخط الرشيد على كاتبه منصور بن زياد، وأمر أن يطالب بعشرة آلاف ألف درهم، أو يؤتى برأسه، وأمر صالحا صاحب المصلّى بذلك، قال صالح: فاستسلم للقتل وحلف أنه لا يعرف موضع ثلاثمائة ألف درهم فكيف بعشرة آلاف ألف، ثم دخل إلى داره فأوصى وارتفع الصراخ منها، وخرج فقال لي: امض بنا إلى أبي عليّ يحيى بن خالد لعل الله أن يأتينا بفرج من جهته، فلما قصّ القصة على يحيى قلق وأطرق مفكرا ثم قال لخازنه: كم عندك من المال؟ قال: خمسة آلاف ألف، فقال: أحضرني مفاتيحها، فأحضرها، ثم وجه إلى ابنه الفضل: إنك كنت أعلمتني أن عندك ألفي ألف درهم، قدّرت أن تشتري بها ضيعة، وقد أصبت لك ضيعة يبقى لك ذكرها وشكرها، فوجّه إليه بالمال، ثم وجه إلى جعفر ابنه فاستدعى منه ألف ألف درهم، ثم أرسل إلى دنانير جاريته فاستدعى منها عقدا كان وهبه الرشيد لها وابتاعه بمائة ألف وعشرين ألف دينار، قال صالح: وكان كعظم الذراع، وقال يحيى: قد حسبناه [١] بألفي ألف درهم، وهذا تمام مالك فانصرف وخلّ عن [٢] صاحبنا، قال صالح: فأخذت ذلك ورددت منصورا معي فلما صرنا بالباب أنشد منصور متمثلا (والشعر للعين المنقري) [٣] : [من الوافر]

فما بقيا عليّ تركتماني ... ولكن خفتما صرد النبال

قال صالح: فقلت ما على الأرض أنبل من رجل خرجنا من عنده ولا


[١] ر: حسبنا.
[٢] عن: سقطت من م.
[٣] والشعر.. المنقري: زيادة من ر م.

<<  <  ج: ص:  >  >>