للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المذكور نصفه، فقلت: ما آكل شيئا، قال: فأكل لقما ثلاثا وأنا ألحظه ما يقدر أن يسيغها، ثم قال: يا أبا عبد الله ادن فكل فقد وهبت لك المال جميعه [١] ودمه، فقلت: وهب الله لأمير المؤمنين الجنة فو الله الذي لا إله إلّا هو ما رأيت ولا سمعت بخليفة قط ولا ملك أكرم منك عفوا، ولا أسمح كفا، ولا أجمل عشرة، ولا أنبل أخلاقا، ثم قال: يا غلام الطست، فجاء به، فغسلت يدي وأكلت، وبلغ الخبر إلى يعقوب فشكرني على ذلك فاستكففته وقلت: فعلت ذاك للحرمة لا للشكر.

«٤٦٣» - سرق بعض غاشية جعفر بن سليمان بن علي درة نفيسة من بين يديه وباعها بمال جزيل، فأنفذ جعفر بن سليمان إلى الجوهريين بصفة الدرة فقالوا: باعها فلان منذ مدة، فأخذ وجيء به إليه وكان يختصّ به، فلما رآه جعفر ورأى ما قد ظهر عليه من الجزع والخوف قال له: أراك قد تغير لونك، ألست يوم كذا وكذا طلبت مني هذه الدرة فوهبتها لك؟ وأقسم بالله لقد أنسيت هذه الحال؛ وأحضر ما كان اشتريت به فدفعه إلى الجوهري ثم قال للرجل: خذ الدرة الآن [٢] وبعها حلالا بالثمن الذي تطيب به نفسك لا بيع خائف ولا وجل، والله لقد آلمني ما دخل عليك من الرعب والجزع.

«٤٦٤» - وقال الأصمعي: ما رأيت أكرم أخلاقا ولا أشرف أفعالا من جعفر بن سليمان، كنا عنده فتغدينا معه واستطاب الطعام فقال لطباخه [٣] : قد أحسنت وسأعتقك وأزوّجك، فقال الطباخ: قد قلت هذه غير مرة وكذبت،


[١] م: كله.
[٢] الآن: سقطت من م.
[٣] م: لصاحبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>