للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمحاسن الناس لرجحت وهي قوله: إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم؛ هذا أبو عبّاد كان كريم العهد كثير البذل، سريعا إلى فعل الخير، فطمس ذلك سوء خلقه فما ترى له حامدا.

«٤٨٩» - قيل للمأمون: إنّ دعبلا قد هجاك، فقال: وأيّ عجب في ذاك؟ هو يهجو أبا عبّاد لا يهجوني أنا؟ ومن أقدم على جنون أبي عباد أقدم على حلمي. ثم قال للجلساء: من كان منكم يحفظ شعره في أبي عباد فلينشده، فأنشده بعضهم: [من الكامل]

أولى الأمور بضيعة وفساد ... أمر يدبّره أبو عبّاد

خرق على جلسائه فكأنّهم ... حضروا لملحمة ويوم جلاد

يسطو على كتّابه بدواته ... فمضمّخ بدم ونضح مداد

وكأنه من دير هزقل مفلت ... حرد يجرّ سلاسل الأقياد

فاشدد أمير المؤمنين وثاقه ... فأصحّ منه بقية [١] الحداد

وكان بقية هذا مجنونا في البيمارستان.

ولأبي عباد حكايات عجيبة في طيشه وجهله، فمما يروى عنه أنه غضب على بعض كتّابه فرماه بدواة، فأبلغ المأمون فقال له: لم فعلت ذلك؟ فقال:

أنا ممن قال الله فيهم: وإذا ما غضبوا هم يعقرون فقال: ويلك لا تحسن آية؟

فقال: نعم: أنا أقرأ من سورة ألف آية.


[١] ر: مقية.

<<  <  ج: ص:  >  >>