عليهم إعطاءه، كما يحظر الغيث على الأرض الجدية ليهلكها ويهلك بها أهلها، وما يعفو الله أكثر، وإن صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وإن أوّل أهل الجنة دخولا أهل المعروف، وإن صدقة السرّ لتطفىء غضب الربّ، وإن صلة الرحم لتزيد في العمر.
«٥٨٧» - ذكر أنّ بهرام بن بهرام خرج يوما للصيد، فانفرد وراء طريدة وتبعها طامعا في لحاقها، حتى بعد عن أصحابه، فدفع إلى راع في أصل شجرة وقد احتاج إلى البول فنزل عن فرسه وقال للراعي: احفظ عليّ رأس فرسي حتى أبول، فوثب وأخذ برأس دابته، وقعد بهرام ناحية يبول، وكان عنان الدابة ملبسا ذهبا، فاغتنم الراعي غفلة بهرام، فأخرج سكينا وقطع أطراف اللجام، فرفع بهرام رأسه فنظر إليه، فاستحيا ورمى بطرفه إلى الأرض، وأطال الجلوس حتى أخذ الراعي حاجته، وقام بهرام فوضع يده على عينه وقال للراعي: قدّم إليّ فرسي فإنه قد دخل في عيني من سافي الريح، فما أقدر على فتحها، وغمّض عينه ليوهمه [١] أنه لا يرى حلقة اللجام، فلما ولّى قال له الراعي: أيها العظيم كيف آخذ إلى موضع كذا وكذا- وذكر موضعا بعيدا- قال له بهرام: وما سؤلك عن ذلك الموضع؟ قال: هناك منزلي وما وطئت هذه الأرض قبل يومي هذا، ولا أراني أعود إلى موضعي هذا ثانية، فضحك بهرام وفطن لما أراد وقال: أنا رجل مسافر، وأنا أحقّ بأن لا أعود إلى ها هنا أبدا، ثم مضى، فلما نزل قال لصاحب مراكبه: إن معاليق اللجام وهبتها لسائل فلا تتهمنّ بها أحدا.
«٥٨٨» - وذكر أن أنوشروان وضع الموائد للناس في يوم نوروز أو