محمد بن يعقوب الفيروزآبادي الشيرازي المتوفى في شوال سنة ٨١٧ سبع عشرة وثمانمائة قال في خطبته وكنت برهة من الدهر التمس كتاباً جامعاً بسيطاً ومصنفا على الفصح والشوارد محيطاً ولما أعياني الطلاب شرعت في كتابي الموسوم باللامع المعلم العجاب الجامع بين المحكم والعباب غير أني خمنته في ستين سفراً يعجز تحصيله الطلاب فصرفت صوب هذا القصد عناني وألفت هذا الكتاب محذوف الشواهد مطروح الزوائد ولخصت كل ثلاثين سفراً في سفر وضمنته خلاصة ما في العباب والمحكم فأضفت إليه زيادات من الله ﷾ على بها وأنعم سميته بذلك لأنه البحر الأعظم. ولما رأيت إقبال الناس على صحاح الجوهري وهو جدير بذلك غير أنه قد فاته نصف اللغة أو أكثر إما بإهمال المادة أو بترك المعاني الغريبة النادة أردت أن يظهر للناظر بادئ بدء فضل كتابي هذا عليه فكتبت بالحمرة المادة المهملة لديه. وإذا تأملت صنيعي هذا وجدته مشتملاً على فوائد أثيرة وفوائد كثيرة من حسن الاختصار وتقريب العبارة وتهذيب الكلام وإيراد المعاني الكثيرة في الألفاظ اليسيرة. ومن أحسن ما اختص به هذا الكتاب تخليص الواو من الياء وذلك قسم يسم المصنفين بالعي والإعياء ومنها أني لا أذكر ما جاء من جمع فاعل المعتل العين على فعلة إلا أن يصح موضع العين منه كجولة وخولة وأما ما جاء منه معتلاً كباعة وسادة فلا اذكره لاطراده.
ومن بديع اختصاره أني إذا ذكرت صيغة المذكر اتبعتها المؤنث بقولي وهي بهاء ولا أعيد الصيغة وإذا ذكرت المصدر مطلقاً أو الماضي بدون الآتي ولا مانع فالفعل على مثال كتب وإذا ذكرت آتيه بلا تقييد فهو على مثال ضرب على أني اذهب إلى ما قال أبو زيد إذا جاوزت المشاهير من الأفعال التي يأتي ماضيها على فعل فأنت في المستقبل بالخيار إن شئت قلت يفعل بضم العين وإن شئت قلت يفعل بكسرها. وكل كلمة عريتها عن الضبط فإنها بالفتح إلا ما أشتهر بخلافه اشتهاراً رافعاً للنزاع من البين وما سوى ذلك فأقيده بصريح الكلام غير مقتنع بتوشيح القلام واكتفيت بكتابة ع د هـ [ة] ج م عن قولي موضع وبلد وقرية والجمع ومعروف ونبهت فيه على أشياء ركب فيها الجوهري خلاف الصواب غير طاعن فيه. واختصصت كتاب الجوهري من بين الكتب اللغوية مع ما في غالبها من الأوهام الواضحة لتداوله واشتهاره بخصوصه واعتماد المدرسين على نقوله ونصوصه. وقال في آخره يسر الله تعالى إتمامه بمنزلي على الصفا المشرفة تجاه الكعبة المعظمة