ما أورد كذكره في فروع علم التفسير ما ذكره السيوطي في الإتقان من الأنواع وهلا يرد عليه أنه إن أراد بالفروع المقاصد للعلم فعلم الطب مثلاً يصل إلى ألوف من العلوم وإن أراد ما أفرد بالتدوين فلم يستوعب الأقسام في كثير من المباحث التي أفردت بالتدوين وقد أخل بذكرها على أنه أدخل في فروع علم ما ليس منه.
قلت نعم يرد لكن الجواد قد يكبو والفتى قد يصبو ولا يعد إلا هفوات العارف ويدخل الزيوف على أعلى الصوارف [الصيارف].
ولا يخفى عليك أن التعقب على الكتب سيما الطويلة سهل بالنسبة إلى تأليفها ووضعها وترصيفها كما يشاهد في الأبنية العظيمة والهياكل القديمة حيث يعترض على بانيها من عرى في فنه عن القوى والقدر بحيث لا يقدر على وضع حجر على حجر.
هذا جوابي عما يرد على كتابي أيضاً. وقد كتب أستاذ البلغاء القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني إلى العماد الأصفهاني معتذراً عن كلام استدركه عليه: أنه قد وقع لي شيء وما أدري أوقع لك أم لا وها أنا أخبرك به وذلك أني رأيت أنه لا يكتب إنسان كتاباً في يومه إلا قال في غده لو غير هذا لكان أحسن ولو زيد لكان يستحسن ولو قدم هذا لكان أفضل ولو ترك هذا لكان أجمل وهذا من أعظم العبر وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر انتهى.
هذا اعتذار قليل المقدار عن جميع الإيرادات والأنظار إجمالاً وأما التفصيل فسيأتي في موضع كل علم مع توجيهه بإنصاف وحلم. وربما زيد على ما ذكره من العلوم على طريق الاستدراك بتمكين مانح القريحة والذهن الدراك.
الفصل الخامس
في مراتب العلم وشرفه وما يلحق به. وفيه إعلامات
الإعلام الأول: في شرفه وفضله واكتفيت مما ورد فيه من الآيات والأخبار بالقليل لشهرته وقوة الدليل. قال الله تعالى يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات [الآية] وقال قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون الآية. وعن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه أنه قال قال رسول الله ﷺ تعلموا العلم فإن تعلمه لله تعالى خشية وطلبه عبادة ومذاكرته تسبيح والبحث عنه جهاد وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة وبذله لأهله قربة لأنه معالم الحلال والحرام ومنار سبل أهل الجنة وهو الأنيس في الوحشة والصاحب في الغربة والمحدث في الخلوة