الأجناس استثناء كما في قولنا عشرة إلا شيئاً يعدل أربعة أشياء فالجبر رفع الاستثناء بأن يزاد مثل المستثنى على المستثنى منه فيجعل العشرة كاملة كأنه يجبر نقصانها ويزاد مثل المستثنى على عديله كزيادة الشيء في المثال بعد جبر العشرة على أربعة أشياء حتى تصير خمسة وإن كان في الطرفين أجناس متماثلة فالمقابلة أن تنقص الأجناس من الطرفين بعدة واحدة. وقيل هي تقابل بعض الأشياء ببعض على المساواة كما في المثال المذكور إذا قوبلت العشرة بالخمسة على المساواة. وسمي العلم بهذين العملين علم الجبر والمقابلة لكثرة وقوعهما فيه وأكثر ما انتهت المعادلة عندهم إلى ست مسائل لأن المعادلة بين عدد وجذر أي شيء ومال مفردة أو مركبة تجيء ستة. قال ابن خلدون وقد بلغنا أن بعض أئمة التعاليم من أهل المشرق أنهى المعادلات إلى أكثر من هذه الستة وبلغها إلى فوق العشرين واستخرج لها كلها أعمالاً وثيقة ببراهين هندسية انتهى. قال الفاضل عمر بن إبراهيم الخيامي أن أحد المعاني التعليمية من الرياضي هو الجبر والمقابلة وفيه ما يحتاج إلى أصناف من المقدمات معتاصة جداً متعذر حلها أما المتقدمون فلم يصل إلينا منهم كلام فيها لعلهم لم يتفطنوا لها بعد الطلب والنظر أو لم يضطر البحث إلى النظر فيها أو لم ينقل إلى لساننا كلامهم وأما المتأخرون فقد عن لهم تحليل المقدمة التي استعملها أرشميدس في الرابع من الثانية في الكرة والأسطوانة بالجبر فتأدى إلى كعاب وأموال وأعداد متعادلة فلم يتفق له حلها بعد أن أنكر فيها ملياً فجزم بأنه ممتنع حتى تبع أبو جعفر الخازن وحلها بالقطوع المخروطية ثم افتقر بعده جماعة من المهندسين إلى عدة أصناف منها فبعضهم حل البعض انتهى.
قيل أول من صنف فيه الأستاذ أبو عبد الله محمد بن موسى الخوارزمي وكتابه فيه معروف مشهور. وصنف بعده أبو كامل شجاع بن أسلم كتابه الشامل وهو من أحسن الكتب فيه ومن أحسن شروحه شرح القرشي ومن الكتب المؤلفة فيه
[علم الجدل]
هو علم باحث عن الطرق التي يقتدر بها على إبرام ونقض وهو من فروع علم النظر ومبنى لعلم الخلاف مأخوذ من الجدل الذي هو أحد أجزاء مباحث المنطق لكنه خص بالعلوم الدينية ومباديه بعضها مبينة في علم النظر وبعضها خطابية وبعضها أمور عادية وله استمداد من علم المناظرة المشهور بآداب البحث.