قال صاحب الفتحية الموسيقى علم رياضي يبحث فيه عن أحوال النغم من حيث الاتفاق والتنافر وأحوال الأزمنة المتخللة بين النقرات من حيث الوزن وعدمه ليحصل معرفة كيفية تأليف اللحن هذا ما قاله الشيخ في شفائه إلا أن لفظة بين النقرات زيدت على كلامه وعبارته بينها أي النغم الحاصلة من النقرات ليعم البحث على الأزمنة التي تكون نقراتها منغمة أو ساذجة وكلامه يشعر بكون البحث عن الأزمنة التي تكون نقراتها منغمة فقط. وعرفها الشيخ أبو نصر بأنها صوت واحد لابث زماناً ذا قدر محسوس في الجسم الذي فيه يوجد والزمان قد يكون غير محسوس القدر لصغره فلا مدخل للبحث والصوت اللابث فيه لا يسمى نغمة والقوم قدروا أقل المرتبة المحسوسة في زمان يقع بين حرفين متحركين ملفوظين على سبيل الاعتدال فظهر لنا أنه يشتمل على بحثين البحث (الأول) عن أحوال النغم والبحث (الثاني) عن الأزمنة فالأول يسمى علم التأليف والثاني علم الإيقاع والغاية والغرض منه حصول معرفة كيفية تأليف الألحان وهو في عرفهم أنغام مختلفة الحدة والثقل رتبت ترتيباً ملائماً وقد يقال وقرنت بها ألفاظ دالة على معان محركة للنفس تحريكاً ملذاً وعلى هذا ما يترنم به الخطباء والقراء يكون لحناً بخلاف التعريف الثالث وهو وقرنت بها ألفاظ منظومة مظروفة لأزمنة موزونة فالأول أعم من الثاني والثالث وبين الثانى والثالث عموم من وجه. اتفق الجمهور على أن واضع هذا الفن اولا فيثاغورس من تلاميذ سليمان ﵇
(١) الموسيقى بفتح القاف مقصور تخفيف موسيقار للتعريب «ابن الوحيى». قيل الموسيقى لفظ يونانى مركب من موسى وقى. موسى عبارة عن النغمات وقى عن الموزون الملذ. وقيل وقائله عبد القادر هو لفظ يونانى مفرد يراد به الالحان «سعدى». وانما سمى به لانه يفيد العلم بكيفية تأليف المعنى اللغوى لهذا اللفظ لان لفظ موسى فى اللغة اليونانية النغمات ولفظ فى بمعنى الموزون الملذ. وقيل سمى باسم الفلك الاعظم الذى هو موسيقاقيا لتناسبهما فى الشرف فحذف بعض الحروف طلبا للخفة فصار موسيقى «فتحيه». موضوعه النغم من حيث كونها ملايمة وغير ملايمة وهو موضوع علم التأليف والازمنة المتخللة بين النقرات من حيث كونها موزونة وغير موزونة. وقيل موضوعه النغم من حيث يعرض لها التأليف. وقيل من حيث يعرض لها نسب عددية مقتضية للتأليف ومآلهما يرجع الى ما فهم من التعريف (منه). ومن فروعه كيفية اتخاذ الآلات الموسيقارية كارغنون وعود ونحو ذلك (منه).