للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الحقة والتصورات المطابقة لتحصيل السعادة الأبدية والسيادة السرمدية كذا في مفتاح السعادة. وقال صاحب إرشاد القاصد يعبر عنه بالإلهي لاشتماله على علم الربوبية وبالعلم الكلي لعمومه وشموله لكليات الموجودات وبعلم ما بعد الطبيعة (١) لتجرد موضوعه عن المواد ولواحقها قال وأجزاؤه الأصلية خمسة (الأول) النظر في الأمور العامة مثل الوجود والماهية والوجوب والإمكان والقدم والحدوث والوحدة والكثرة (والثاني) النظر في مبادئ العلوم كلها وتبيين مقدماتها ومراتبها (والثالث) النظر في إثبات وجود الإله ووجوبه والدلالة على وحدته وصفاته (والرابع) النظر في إثبات الجواهر المجردة من العقول والنفوس والملائكة والجن والشياطين وحقائقها وأحوالها (والخامس) النظر في أحوال النفوس البشرية بعد مفارقتها وحال المعاد ولما اشتدت الحاجة إليه اختلفت الطرق فمن الطالبين من رام إدراكه بالبحث والنظر وهؤلاء زمرة الحكماء الباحثين ورئيسهم أرسطو وهذا الطريق أنفع للتعلم لو وفى

[لوفائه]

بجملة المطالب وقامت عليها براهين يقينية وهيهات

[وتنبيهات]

ومنهم من سلك طريق تصفية النفس بالرياضة وأكثرهم يصل إلى أمور ذوقية يكشفها له العيان وتجل عن أن توصف بلسان منهم من ابتدأ أمره بالبحث والنظر وانتهى إلى التجريد وتصفية النفس فجمع بين الفضيلتين وينسب مثل هذا الحال إلى سقراط وأفلاطون والسهروردي انتهى وقال الفاضل أبو الخير وهذا العلم هو المقصد الأقصى والمطلب الأعلى لكن من وقف على حقائقه واستقام في الاطلاع على دقائقه فقد فاز فوزاً عظيماً ومن زلت فيه قدمه أو طغى به قلمه فقد ضل ضلالاً بعيداً وخسر خسراناً مبيناً إذا الباطل يشاكل الحق في مآخذه والوهم يعارض العاقل في دلائله جل جناب الحق عن أن يكون شريعة لكل وارد أو يطلع على سرائر قدسه إلا واحد أبعد واحد وقلما يوجد إنسان يصفو عقله عن كدر الأوهام. واعلم أن من النظر رتبة تناظر طريق التصفية ويقرب حدها من حدها وهو طريق الذوق ويسمونه الحكمة الذوقية وممن وصل إلى هذه الرتبة في السلف السهروردي وكتاب حكمة الإشراق له صادر عن هذا المقام برمز أخفى من أن يعلم وفي المتأخرين الفاضل الكامل مولانا شمس الدين الفناري في الروم ومولانا جلال الدين الدواني في بلاد العجم ورئيس هؤلاء الشيخ صدر الدين القونوي


(١) وبالعلم الاعلى والفلسفة الاولى ايضا وقد يطلق عليه ما قبل الطبيعة ايضا لكنه نادر (منه).