للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تنبيه]

- اعلم أن النظر والمطالعة في علوم الفلسفة يحل بشرطين أحدهما أن لا يكون خالي الذهن عن العقائد الإسلامية بل يكون قوياً في دينه راسخاً على الشريعة الشريفة والثاني أن لا يتجاوز مسائلهم المخالفة للشريعة وإن تجاوز فإنما يطالعها للرد لا غير هذا لمن ساعده الذهن والسن والوقت وسامحه الدهر عما يفضيه إلى الحرمان وإلا فعليه أن يقتصر على الأهم وهو قدر ما يحتاج إليه فيما يتقرب به إلى الله تعالى وما لا بد منه في المبدأ والمعاد والمعاملات والعبادات والأخلاق والعادات.

فتح: ومن الشروط المعتبرة في التحصيل المذاكرة مع الأقران ومناظرتهم لما قيل العلم غرس وماؤه درس لكن طلباً للثواب وإظهاراً للصواب وقيل مطارحة ساعة خير من تكرار شهر ولكن مع منصف سليم الطبع وينبغي للطالب أن يكون متأملاً في دقائق العلم ويعتاد ذلك فإنما تدرك به خصوصاً قبل الكلام فإنه كالسهم فلا بد من تقويمه بالتأمل أولاً.

فتح: ومنها الجد والهمة فإن الإنسان يطير بهما إلى شواهق الكمالات وأن لا يؤخر شغل يوم إلى غد فإن لكل يوم مشاغل ولا بد أن يكون معه محبرة في كل وقت حتى يكتب ما يسمع من الفوائد ويستنبطه من الزوائد فإن العلم صيد والكتابة قيد.

وينبغي أن يحفظ ما كتبه إذ العلم ما ثبت في الخواطر لا ما أودع في الدفاتر بل الغرض منه المراجعة إليها عند النسيان لا الاعتماد عليها فتح: ومن الشروط مراعاة مراتب العلوم في القرب والبعد من المقصد فلكل منها رتبة ترتيباً ضرورياً يجب الرعاية في التحصيل إذ البعض طريق إلى البعض ولكل علم حد لا يتعداه فعليه أن يعرفه فلا يتجاوز ذلك الحد مثلاً لا يقصد إقامة البراهين في النحو ولا يطلب وأيضاً لا يقصر عن حده كان يقنع بالجدل في الهيئة وأن يعرف أيضاً أن ملاك الأمر في المعاني هو الذوق وإقامة البرهان عليه خارج عن الطوق ومن طلب البرهان عليه أتعب نفسه. قال السكاكي:

قبل أن نمنح هذه الفنون حقها [في الذكر] فلننبهك [ننبهك] على أصل ليكون على ذكر منك وهو أن ليس من الواجب في صناعة وإن كان المرجع في أصولها وتفاريعها إلى مجرد العقل أن يكون الدخيل فيها كالناشئ عليها في استفادة الذوق عنها [منها] فكيف إذا كانت الصناعة مستندة إلى تحكمات وضعية واعتبارات ألفية فلا بأس على الدخيل (١) في صناعة علم المعاني أن يقلد صاحبها في بعض فتاواه إن فاته الذوق هناك إلى أن يتكامل له على مهل موجبات ذلك الذوق انتهى.

فتح: ومنها أن العلوم الآلية لا توسع فيها الأنظار وذلك لأن العلوم المتداولة على صنفين علوم مقصودة بالذات كالشرعيات والحكميات وعلوم هي آلة ووسيلة لهذه العلوم كالعربية والمنطق وأما المقاصد فلا حرج في توسعة الكلام فيها وتفريع المسائل واستكشاف الأدلة


(١). Miftahda بأس kelimesiyoktur .