واحد كما مر فيكون المسائل موضوع العلم أعني هليته البسيطة وهي آنيتها. وموضوع المسألة قد يكون بنفسه موضوعاً لذلك العلم كقول النحوي كل كلام مركب من اسمين أو اسم وفعل فإن الكلام هو موضوع النحو أيضاً. وقد يكون موضوع المسألة موضوع ذلك العلم مع عرض ذاتي له كقولنا في الهندسة المقدار المباين لشيء مباين لكل مقدار يشاركه فالموضوع في المسألة المقدار المباين والمباين عرض ذاتي له. وقد يكون موضوع المسألة نوع موضوع العلم كقولنا في الصرف الاسم إما ثلاثي وإما زائد على الثلاثي فإن موضوع العلم الكلمة والاسم نوعها. وقد يكون موضوع المسألة نوع موضوع مع عرض ذاتي له كقولنا في الهندسة كل خط مستقيم وقع على مستقيم فالزاويتان الحادثتان إما قائمتان أو معادلتان لهما فالخط نوع للمقدار والمستقيم عرض ذاتي له. وقد يكون موضوع المسألة عرضاً ذاتياً لموضوع العلم كقولنا في الهندسة كل مثلث زواياه مساوية لقائمتين فالمثلث من الأعراض الذاتية للمقدار.
[خاتمة الفصل في غاية العلوم]
واعلم انه إذا ترتب على فعل أثر فذلك الأثر من حيث أنه نتيجة لذلك الفعل وثمرته يسمى فائدة ومن حيث أنه على طرف الفعل ونهايته يسمى غاية ففائدة الفعل وغايته متحدان بالذات ومختلفان بالاعتبار. ثم ذلك الأثر المسمى بهذين الأمرين إن كان سبباً لإقدام الفاعل على ذلك الفعل يسمى بالقياس إلى الفاعل غرضاً ومقصوداً ويسمى بالقياس إلى فعله علة غائية والغرض والعلة الغائية متحدان بالذات ومختلفان بالاعتبار. وإن لم يكن سبباً للإقدام كان فائدة وغاية فقط فالغاية أعم من العلة الغائية كذا أفاده العلامة الشريف فظهر أن غاية العلم ما يطلب ذلك العلم لأجله. ثم إن غاية العلوم غير الآلية حصولها أنفسها لأنها في حد ذاتها مقصودة بذواتها وإن أمكن أن يترتب عليها منافع أخر والتغاير الاعتباري كاف فيه فاللازم من كون الشيء غاية لنفسه أن يكون وجوده الذهني علة لوجوده الخارجي ولا محذور فيه. وأما غاية العلوم الآلية فهو حصول غيرها لأنها متعلقة بكيفية العمل فالمقصود منها حصول العمل سواء كان ذلك العمل مقصوداً بالذات أو لأمر آخر يكون غاية أخيرة لتلك العلوم.