والسلام إذا ذكر النجوم فأمسكوا وقال تعلموا من النجوم ما تهتدون به في البر والبحر ثم انتهوا الحديث وقال ﵊ من آمن بالنجوم فقد كفر لكن قالوا هذا إن اعتقد أنها مستقلة في تدبير العالم. قال الإمام الشافعي ﵀ تعإلى إذا اعتقد المنجم أن المؤثر الحقيقي هو الله تعإلى لكن عادته سبحانه وتعإلى جارية على وقوع الأحوال بحركاتها وأوضاعها المعهودة ففي ذلك لا بأس عندي كذا ذكره السبكي في طبقاته الكبرى وعلى هذا يكون استناد التأثير حقيقة إلى النجوم مذموماً فقط قال بعض العلماء أن اعتقاد التأثير بذاتها حرام وذكر صاحب مفتاح السعادة أن ابن قيم الجوزية أطنب في الطعن فيه والتعيير.
[فإن قيل]
- لم لا يجوز أن يكون بعض الأجرام العلوية أسباباً للحوادث السفلية فيستدل المنجم العاقل من كيفية حركات النجوم واختلافات مناظرها وانتقالاتها من برج إلى برج إلى بعض الحوادث قبل وقوعها كالطبيب المستدل بكيفية حركات النبض إلى حدوث العلة قبل وقوعها.
[يقال]
- يمكن على طريق إجراء العادة أن يكون بعض الحوادث سبباً لبعضها لكن لا دليل فيه على كون الكواكب أسباب السعادة وعلل النحوسة لا حسا ولا عقلاً ولا سمعاً إما حساً فظاهر أن أكثر أحكامهم ليست بمستقيمة كما قال بعض الحكماء جزئياتها لا تدرك وكلياتها لا تحقق وإما عقلا فإن علل الأحكاميين وأصولهم متناقضة حيث قالوا إن الأجرام العلوية ليست بمركبة من العناصر بل هي طبيعة خامسة ثم قالوا ببرودة زحل ويبوسته وحرارة المشتري ورطوبته فأثبتوا الطبيعة إلى الكواكب وغير ذلك وأما شرعاً فهو مذموم بل ممنوع كما قال ﵊ من أتى كاهناً بالنجوم أو عرافاً أو منجماً فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد الحديث. وسبب المبالغة في النهي ثلاثة كما ذكره الشيخ علاء الدولة في العروة الوثقي. وقال علي بن أحمد النسوي علم النجوم أربع طبقات الأولى معرفة رقم التقويم ومعرفة الإسطرلاب حسبما هو يتركب والثانية معرفة المدخل إلى علم النجوم ومعرفة طبائع الكواكب والبروج ومزاجاتها والثالثة معرفة حساب أعمال النجوم وعمل الزيج والتقويم والرابعة معرفة الهيئة والبراهين الهندسية على صحة أعمال النجوم ومن تصور ذلك فهو المنجم التام على التحقيق وأكثر أهل زماننا قد اقتصروا من علم التنجيم على الطبقتين الأوليين وقليل منهم من يبلغ الطبقة الثالثة.