للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واعترض عليهم بأنا لا نسلم مطلق الحصول لأن كل علم مسائل كثيرة وحصولها عبارة عن الملكة الراسخة فيه وهي لا تتم إلا بالتعلم والتدرب كما سبق ولعل المكاشف لا يدعي حصول العلوم النظرية بطريق الكشف لأنه لا يصدق إلا أن يقول بحصول الغاية والغرض منها.

المحاكمة بين الفريقين:

وقد يقال أنه قد سبق أن العلوم مع كثرتها منحصرة فيما يتعلق بالأعيان وهو العلوم الحقيقية وتسمى حكمية إن جرى الباحث على مقتضى عقله وشرعية إن بحث على قانون الإسلام وفيما يتعلق بالأذهان والعبارة وهي العلوم الآلية المعنوية كالمنطق ونحوه وفيما يتعلق بالعبارة والكتابة وهي العلوم الآلية اللفظية أو الخطية وتسمى بالعربية ثم إن ما عدا الأول من الأقسام الأربعة لا سبيل إلى تحصيلها إلا الكسب بالنظر أما الأول فقد يحصل بالتصفية أيضاً ثم إن الناس منهم الشيوخ البالغون إلى عشر الستين فاللائق بشأنهم طريق التصفية والانتظار لما منحه الله من المعارف إذ الوقت لا يساعد في حقهم تقديم طريق النظر ومنهم الشبان الأغبياء فحكمهم حكم الشيوخ ومنهم الشبان الأذكياء المستعدون لفهم الحقائق فلا يخلو إما أن لا يرشدهم ماهر في العلوم النظرية فعليهم ما على الشيوخ وإما أن يساعدهم التقدير في وجود عالم ماهر مع أنه أعز من الكبريت الأحمر فعليه تقديم طريقة النظر ثم الإقبال بشراشره إلى قرع باب الملكوت ليكون فائزاً بنعمة باقية لا تفنى أبداً.

الباب الخامس في لواحق المقدمة من الفوائد

وفيه مطالب

مطلب لزوم العلوم العربية:

واعلم أن مباحث العلوم إنما هي في المعاني الذهنية والخيالية من بين العلوم الشرعية التي أكثرها مباحث الألفاظ وموادها وبين العلوم العقلية وهي في الذهن واللغات إنما هي ترجمان عما في الضمائر من المعاني ولا بد في اقتناصها من ألفاظها بمعرفة دلالتها اللفظية والخطية عليها وإذا كانت الملكة في الدلالة راسخة بحيث تتبادر المعاني إلى الذهن من الألفاظ زال الحجاب بين المعاني والفهم ولم يبق إلا معاناة ما في المعاني من المباحث هذا شأن المعاني مع الألفاظ والخط بالنسبة إلى كل لغة.

ثم إن الملة الإسلامية لما اتسع ملكها ودرست علوم الأولين بنبوتها وكتابها صيروا علومهم الشرعية صناعة بعد أن كانت