في تقسيم العلوم بتقسيمات معتبرة وبيان أقسامها إجمالاً
اعلم أن العلم وإن كان معنى واحداً وحقيقة واحدة إلا أنه ينقسم إلى أقسام كثيرة من جهات مختلفة فينقسم من جهة إلى قديم ومحدث ومن جهة متعلقة إلى تصور وتصديق ومن جهة طرقه إلى ثلاثة أقسام قسم يثبت في النفس وقسم يدرك بالحس وقسم يعلم بالقياس وينقسم من جهة اختلاف موضوعاته إلى أقسام كثيرة يسمى بعضها علوماً وبعضها صنائع وقد أوردنا ما ذكره أصحاب الموضوعات في حصر أقسامها (التقسيم الأول) للعلامة الحفيد وهو أن العلوم المدونة على نوعين الأول ما دونه المتشرعة لبيان ألفاظ القرآن أو السنة النبوية لفظاً وإسناداً أو لإظهار ما قصد بالقرآن من التفسير والتأويل أو لإثبات ما يستفاد منهما أعني الأحكام الأصلية الاعتقادية أو الأحكام الفرعية العملية أو تعيين ما يتوصل به من الأصول في استنباط تلك الفروع أو ما دون لمدخليته في استخراج تلك المعاني من الكتاب والسنة أعني الفنون الأدبية. النوع الثاني ما دونه الفلاسفة لتحقيق الأشياء كما هي وكيفية العمل على وفق عقولهم انتهى. وذكر في علوم المتشرعة علم القراءة وعلم الحديث وعلم أصوله وعلم التفسير وعلم الكلام وعلم الفقه وعلم أصوله وعلم الأدب وقال هذا هو المشهور عند الجمهور ولكن للخواص من الصوفية علم يسمى بعلم التصوف.
بقي علم المناظرة وعلم الخلاف والجدل لم يظهر إدراجها في علوم المتشرعة ولا في علوم الفلاسفة. لا يقال الظاهر أن الخلاف والجدل باب من أبواب المناظرة سمى باسم كالفرائض بالنسبة إلى الفقه. لأنا نقول الغرض في المناظرة إظهار الصواب والغرض من الجدل والخلاف الإلزام. ثم إن المتشرعة صنفوا في الخلاف وبنوا عليه مسائل الفقه ولم يعلم تدوين الحكماء فيه فالمناسب عده من الشرعيات والحكماء بنوا مباحثهم على المناظرة فيما بينهم انتهى.
(التقسيم الثاني) ما ذكره في الفوائد الخاقانية اعلم أن ههنا تقسيمين مشهورين أحدهما أن العلوم إما نظرية أي غير متعلقة بكيفية عمل وإما عملية أي متعلقة بها. وثانيهما أن العلوم إما أن لا تكون في نفسها آله لتحصيل شيء آخر بل كانت مقصودة بذواتها وتسمى غير آلية وإما أن تكون آلة له غير مقصودة