للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في نفسها وتسمى آلية ومؤداهما واحد فأما ما يكون في حد ذاته آلة لتحصيل غيره فقد رجع معنى الآلي إلى معنى العملي وكذا ما لا يكون آلة له كذلك لم يكن متعلقاً بكيفية عمل وما لم يتعلق بكيفية عمل لم يكن في نفسه آلة لغيره فقد رجع معنى النظري وغير الآلي إلى شيء واحد. ثم إن النظري والعملي يستعملان في معان ثلاثة (أحدها) في تقسيم مطلق العلوم كما ذكرنا فالمنطق والحكمة العملية والطب العملي وعلم الخياطة كلها داخلة في العملي المذكور لأنها بأسرها متعلقة بكيفية عمل إما ذهني كالمنطق أو خارجي كالطب مثلاً. (وثانيها) في تقسيم الحكمة فإنهم بعد ما عرفوا الحكمة بأنه علم بأحوال أعيان الموجودات على ما هي عليه في نفس الأمر بقدر الطاقة البشرية قالوا تلك الأعيان أما الأفعال والأعمال التي وجودها بقدرتنا واختيارنا أولاً فالعلم بأحوال الأول من حيث يؤدي إلى صلاح المعاش والمعاد يسمى حكمة عملية والعلم بأحوال الثاني يسمى حكمة نظرية (وثالثها) ما ذكر في تقسيم الصناعة أي العلم المتعلق بكيفية العمل من أنها إما عملية أي يتوقف حصولها على ممارسة العمل أو نظرية لا يتوقف حصولها عليها فالفقه والنحو والمنطق والحكمة العملية والطب العملي خارجة عن العملية بهذا المعنى إذ لا حاجة في حصولها إلى مزاولة الأعمال بخلاف علم الخياطة والحياكة والحجامة لتوقفها على الممارسة والمزاولة (التقسيم الثالث) وهو مذكور فيه أيضاً. اعلم أن العلم ينقسم إلى حكمي وغير حكمي والأخير ينقسم إلى ديني وغير ديني والديني إلى محمود ومذموم ومباح ووجه الضبط أنه إما أن لا يتغير بتغير الأمكنة والأزمان ولا يتبدل بتبدل الدول والأديان كالعلم بهيئة الأفلاك. أو لا فالأول العلوم الحكمية ويقال له العلوم الحقيقية أيضاً أي الثابتة على مر الدهور والأعوام والثاني إما أن يكون منتمياً إلى الوحي ومستفاداً من الأنبياء ﵈ من غير أن يتوقف إلى تجربة وسماع وغيرهما أو لا فالأول العلوم الدينية ويقال لها الشرعية أيضاً والثاني العلوم الغير الدينية كالطب لكونه ضرورياً في بقاء الأبدان والحساب لكونه ضرورياً في المعاملات وقسمة الوصايا والمواريث وغيرها فمحمودة وإلا فإن لم يكن له عاقبة حميدة فمذموم كعلم السحر والطلسمات والشعبذة والتلبيسات وإلا فمباح كعلم الأشعار التي لا سخف فيها وكتواريخ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وما يجري