مجراها. وهذا التفاوت بالنسبة إلى الغايات وإلا فالعلم من حيث أنه علم فضيلة لا تنكر ولا تذم فالعلم بكل شيء أولى من جهله فإياك أن تكون من الجاهلين.
(التقسيم الرابع) ما ذكره صاحب شفاء المتألم وهو أن كل علم إما أن يكون مقصوداً لذاته أولا والأول العلوم الحكمية وهي إما أن تكون مما يعلم لتعتقد فالحكمة النظرية أو مما يعلم ليعمل بها فالحكمة العملية. والأول ينقسم إلى أعلى وهو العلم الإلهي وأدنى وهو الطبيعي وأوسط وهو الرياضي لأن النظر إما في أمور مجردة عن المادة أو في أمور مادية في الذهن والخارج فهو الطبيعي أو في أمور يصح تجردها عن المواد في الذهن فقط فهو الرياضي وهو أربعة أقسام لأن نظر الرياضي إما أن يكون فيما يمكن أن يفرض فيه أجزاء تتلاقى على حد مشترك بينهما أولا وكل منهما إما قار الذات أولا والأول الهندسة والثاني الهيئة والثالث العدد والرابع الموسيقا. والحكمة العملية قسمان علم السياسة وعلم الأخلاق لأن النظر إما مختص بحال الإنسان أو لا الثاني هو الأول وأيضاً النظر فيه إما في إصلاح كافة الخلق في أمور المعاش والمعاد فذلك يرجع إلى علم الشريعة وعلومها معلومة وإما من حيث اجتماع الكلمة الإجماعية وقيام أمر الخلق فهو الأحكام السلطانية أي السياسة فإن اختص بجماعة معينة فهو تدبير المنزل والثاني وهو ما لا يكون مقصوداً لذاته بل آلة يطلب بها العصمة من الخطأ في غيرها فهو إما ما تطلب عن الخطأ فيه من المعاني أو ما يتوصل به إلى إدراكها من لفظ أو كتابة والأول علم المنطق والثاني علم الأدب وهو ما يبحث فيه عن الدلالات اللسانية أو الدلالات البنانية فالثاني علم الخط والأول يختص بالدلالات الإفرادية أو التركيبية أو يكون مشتركاً بينهما والأول إن كان البحث فيه عن المفردات فهو علم اللغة وإن كان البحث فيه عنها من صيغها فعلم الصرف والثاني إما أن يختص بالموزون أو لا والأول إن اختص بمقاطع الأبيات فعلم القافية وإلا فالعروض والثاني إن كانت العصمة به عن الخطأ في تأدية أصل المعنى فهو النحو وإلا فهو علم البلاغة والثالث علم الفصاحة. ثم علم البلاغة إن كان ما يطلب به العصمة عن الخطأ في تطبيق الكلام لمقتضى الحال فعلم المعاني وإن كان في أنواع الدلالة ومعرفة كونها خفية وجلية فعلم البيان. وأما علم الفصاحة فإن اختص بالعصمة عن الخطأ في تركيب المفردات من حيث التحسين فعلم البديع.