- الشهيرة بالبردة الميمية للشيخ شرف الدين أبي عبد الله محمد بن سعيد الدولاصي ثم البوصيري المتوفى سنة ٦٩٤ أربع وتسعين وستمائة. لما أراد براعة المطلع جرد من نفسه شخصاً مزج دمعه بدمه فسأله عن علة ذلك فقال مخاطبا له:
أمن تذكر جيران بذي سلم*مزجت دمعاً جرى من مقلة بدم وهي مائة بيت واثنان وستون بيتاً منها اثنا عشر في المطلع وستة عشر في ذكر النفس وهواها وثلاثون في مدائح الرسول ﵊ وتسعة عشر في مولده وعشرة في يمن دعائه (في من دعابه) وسبعة عشر في مدح القرآن وثلاثة عشر في ذكر معراجه واثنان وعشرون في جهاده وأربعة عشر في الاستغفار وتسعة في المناجاة. روى أنه أنشأها حين أصابه فالج فاستشفع بها إلى الله ﷾ ولما نام رأى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في منامه فمسح بيده المباركة فعوفي وخرج من بيته أول النهار فلقيه بعض الفقراء فقال له يا سيدي أريد أن تعطيني القصيدة التي مدحت بها رسول الله ﷺ قال أي قصيدة تريد فقال التي أولها أمن تذكر جيران الخ فأعطاها له وجرى ذكرها في الناس. ولما بلغت الصاحب بهاء الدين وزير الملك الظاهر استنسخها ونذر أن لا يسمعها إلا حافياً واقفاً مكشوف الرأس وكان يتبرك بها هو وأهل بيته ورأوا من بركاتها أموراً عظيمة في دينهم ودنياهم.
وسبب شهرتها بالبردة أنه أصاب سعد الدين الفارقي رمد عظيم أشرف منه على العمى فرأى في منامه قائلاً يقول امض إلى الصاحب بهاء الدين وخذ منه البردة واجعلها على عينيك تفق إنشاء الله تعالى فنهض من ساعته وجاء إليه وقال له ما رأى في نومه فقال الصاحب ما عندي شيء يقاله البردة وإنما عندي مديح النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنشأها البوصيري فنحن نستشفي بها
(١) هى مشهورة بين الانام ويتبرك بها الخواص والعوام حتى قرئت قدام الجنائز والمساجد واستشفى بها الامراض والاسقام وكتبوا عليها من التخميسات والتسبيعات والنظائر ما لا يعد. ذكر السهرانى انه رأى خمسة وثلاثين تخميسا جمعها بعض العلماء ورأى تسبيعا عجيبا مبدوا من اوله الى آخره بلفظة الجلالة للشيخ شهاب الدين احمد بن عبد الله المكى فذكره بعد شرح كل بيت. وشرحوها بشروح لا تحصى غير انهم اقتصروا على المعنى اللغوى واعرضوا عن اللطائف والاشارة لكن الشيخ ابن المرزوق المغربى غير المرزوقى النحوى شرحها شرحا عظيما وبين فيه المعانى التصوفية في غاية الطول والكبر. وكل من صنف شيئا ادعى انه لم يسبق به. (منه)