للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأن المرء مجبول على عداوة ما جهله لكنهم لما لم يكن أخذهم وخلطهم على طريق النقل والاستفادة بل على سبيل الرد والاعتراض والنقض والإبرام في كثير من الأمور الطبيعية والفلكية والعنصرية قام أشخاص من الإسلاميين كالنصير وابن رشد ومن غير الإسلاميين وانتصبوا في ردهم وتزييفهم فصار فن الكلام كالحكمة في النقض وتزييف الدلائل كما قال الفاضل القاضي مير حسين الميبدي في آخر رسالته المعروفة بجام كيتي نما فاللائق بحال الطالب أن ينظر في كلام الفريقين وكلام أهل التصوف ويستفيد من كل منهما ولا ينكر إذ الإنكار سبب البعد عن الشيء كما قال الشيخ في آخر الإشارات. وأما الكتب المصنفة في الحكمة الطبيعية والإلهية والرياضية فأكثرها ليس باسلامى بل يوناني ولاتني لأن معظم الكتب بقي في بلادهم ولم ينقل إلى العربي إلا الشاذ النادر وما نقل لم يبق على أصل معناه لكثرة التحريفات في خلال التراجم كما هو أمر مقرر في نقل الكتب من لسان إلى لسان وقد اختبرنا وفحصنا ذلك حين الاشتغال بنقل كتاب أطلس وغيره من لغة لاتن إلى اللغة التركية فوجدناه كذلك ولم نر أعظم كتاباً من الشفاء في هذا الفن مع إنه شيء يسير بالنسبة إلى ما صنف أهل أقاديميا (١) التي في بلاد أوروفا. ثم إن بعض المحققين أخذ طرفاً من كتب الشيخ كالشفاء والنجاة والإشارات وعيون الحكمة وغيرها وجعل مقدمة ومدخلاً للعلوم العقلية كالهداية لأثير الدين الأبهري وعين القواعد للكاتبي القزويني فصار قصارى همم أهل زماننا الإكتفاء بشيء من قراءة الهداية ولو تجرد بعض المشتغلين وسعى إلى مذاكرة حكمة العين لكان ذلك أقصى الغاية فيما بينهم وقليل ما هم.

[حكمة الإشراق]

- للشيخ شهاب الدين أبي الفتح يحيى بن حبش السهروردي المقتول بحلب سنة ٥٨٧ سبع وثمانين وخمسمائة أوله جل ذكرك اللهم الخ ذكر في آخره إنه فرغ من تأليفه في جمادى الآخرة سنة ٥٨٢ اثنتين وثمانين وخمسمائة وهو متن مشهور شرحه الأكابر كالعلامة قطب الدين محمود بن مسعود الشيرازي المتوفى سنة ٧١٠ عشر وسبعمائة وشرحه ممزوج مفيد أوله الإشراق سبيلك اللهم الخ قيل في هذا الشرح كلمات لا يمكن تطبيقها على الشرع الشريف اقول لعل هذا القائل ممن لا يقدر على تطبيقها ولا يلزم من عدم قدرته عدم الإمكان لأن أمر التطبيق والتوفيق عند الشارح الفاضل وأمثاله أمر هين وعلى


(١) الاقادميا عبارة عن مجمع اهل العلوم كالمدرسة في بلادنا. (منه)