للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن ذلك قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ} [المؤمنون: ١٥] فأكَّد مع أن الموت محقَّق، ولكن يُقال لمَّا كان بعض الناس غافلًا كأنه لن يموت، أُكِّد.

{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}: على المؤمنين خاصة دون غيرهم؛ لأن الكفار لم يعرفوا هذه المنَّة ولم يرفعوا بها رأسًا، ولم يروا في مخالفتها بأسًا، فتركوها وأعرضوا عنها، وحُرموا خيرها، أما المؤمنون فهم الذين تبيَّنت لهم هذه المنَّة واستمسكوا بها.

وقوله: {إِذْ بَعَثَ} هذه إما أن تكون ظرفًا لـ (مَنَّ)، وإما أن تكون للتعليل، أي: لأنه بعث، وكلاهما لا يتنافيان، فهي بيان لمحل المنَّة، وهي البعثة، وهي كذلك تعليل للمنَّة.

وقوله: (بعث) أصل البعث الإنشاء، وسُمِّيت الرسالة بعثًا؛ لأنها إخراج للناس من حالٍ إلى حال، فكأنهم بُعثوا خلقًا جديدًا، وأُنشئوا خلقًا جديدًا.

وقوله: {إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا}:

(في): للظرفية؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - بُعِث في (سِطَة) المؤمنين، وكان هو عليه الصلاة والسلام أشرف من بُعث فيهم نسبًا.

وقوله: {رَسُولًا} أي: مُرسلًا من عند الله.

وقوله: {مِنْ أَنْفُسِهِمْ}. أي: من جنسهم، وفي سورة الجمعة: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} [الجمعة: ١، ٢] لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأميين، وأما عامة الناس فليس منهم، ولكن من أنفسهم، أي من جنسهم كما قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>