للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومعلوم أن من جملة الفداء الذي أُخذ من أسرى بدر أن يُعلِّموا صبيان أهل المدينة القراءة والكتابة.

وأيَّد هذا القائل قولَه بأن تعليمهم الكتاب مستفاد من قوله: {يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ} ولكن في هذا نظر؛ وإن كنا لا نمنع أن يكون المراد بالكتاب هنا الكتابة والقرآن جميعًا؛ لأن القاعدة عندنا في التفسير: أنه متى احتملت الكلمة معنيين فأكثر، ولا منافاة بينهما، فإن الواجب حملُها عليهما؛ لأن كتاب الله عزّ وجل واسع المعنى. فعلى هذا يكون المراد بالكتاب: القرآن والكتابة.

وقوله: {وَالْحِكْمَةَ} قال بعض العلماء: أي السنة، كما قال تعالى: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [النساء: ١١٣]. وقيل: المراد بالحكمة أنه علّمهم كيف يضعون الأشياء مواضعها؛ لأن الشريعة الإسلامية تُعلّم الإنسان كيف يضع الشيء في موضعه.

وأيضًا علَّمهم الحكمة التي هي أسرار التشريع؛ لأن الشرع كما نعلم أحكام وحِكَم، فالأحكام ظاهرة. والحِكَم هي الأسرار والمعاني التي تُناط بها هذه الأحكام، والإنسان إذا عرف هذه الحكم والأسرار، تبين له أن الشريعة ليست لهوًا ولا لعبًا، وأن الشريعة ذات معانٍ سامية، لا يدركها إلا من فتح الله عليه.

ويمكن أن نقول: إن الحكمة تشمل هذا وهذا؛ أي علَّمهم السنة التي يطلق عليها الحكمة، وعلَّمهم وضع الأشياء مواضعَها، وأسرار الشريعة وحِكَمها ليزدادوا بصيرة في دين الله.

قال: {وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}:

"إِنْ" تأتي في اللغة العربية لعدة معانٍ، والسياق هو الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>