للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} [النساء: ١١٥].

فهو يُضاف إلى الله باعتبارين: باعتبار أنه واضعه، فالله تعالى هو الذي شرع هذا الطريق، وباعتبار أنه موصِلٌ إليه، أي: أن هذا الطريق موصل إلى الله تعالى. ويُضاف إلى المؤمنين باعتبار واحد وهو أنهم هم الذين سلكوه.

هنا المضاف إلى الله باعتبار أن الله تعالى هو الذي شرع هذا الدين، وأن هذا الدين موصل إليه.

{أَمْوَاتًا} هذا مفعول ثانٍ لـ (تحسب)؛ لأن (حسب) تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، بخلاف (كسا - وأعطى) فإنهما تنصبان مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر.

يقول: {أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ}:

والمعروف أنه إذا قُتل مات، فكيف يقال: إنهم أحياء؟ المراد أي: لا تحسبن أنهم إذا ماتوا انتهوا، بل هم إذا ماتوا انتقلوا إلى حياة أخرى أفضل مما فارقوه، فيكون المعنى لا تحسبهم ماتوا وانتهوا، ليس الأمر كذلك بل هم أحياء ماتوا مِيتة الدنيا، لكنهم هم أحياء حياة أخرى تتميز عن الحياة الدنيا، وهي خير وأفضل.

وقوله: {بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}:

(عند): تُفيد القرب من الله عزّ وجل وهو كذلك، فإن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت، ثم ترجع إلى قناديل معلَّقة تحت العرش، فهذه عندية خاصة يمتاز فيها بالقرب من الله تعالى، فقوله: {بَلْ أَحْيَاءٌ} المراد بذلك حياة أرواحهم، أما أبدانهم فقد ماتت بلا شك لكن أرواحهم حية حياة برزخية، ولهذا قال: {عِنْدَ رَبِّهِمْ} وليست

<<  <  ج: ص:  >  >>