للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحياة المطلقة التي هي كالحياة الدنيا؛ لأنها لو كانت الحياة الدنيا لم يصيروا قُتِلوا في سبيل الله بل كانوا باقين، ولما صحَّ أن يُدفنوا، وهم فارقوا الدنيا ودُفِنوا، ولكنهم أحياء عند الله عزّ وجل حياة لا تُشبه حياة الدنيا.

وقوله: {يُرْزَقُونَ} أي: يُعطون؛ لأن الرزق في اللغة العطاء، ومنه قوله تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ} [النساء: ٨] أي: أعطوهم، يعني يعطون من رزق الله في الجنة حيث شاءوا، ولكن هذا العطاء عطاء ناقص بالنسبة للعطاء الأكمل الذي يكون بعد البعث؛ لأن العطاء قبل القيامة عطاء للبدن وعطاء للروح، وكلاهما ناقص بالنسبة لما بعده. فهو عطاء للبدن؛ لأنه في القبر يُفسح له مد البصر، ويُفتح له باب إلى الجنة، ويأتيه من رَوحها ونعيمها لكنه لا يتمتَّع التمتُّع الكامل، كذلك الأرواح لا تتمتَّع التمتع الكامل في وجودها في الجنة، إنما يكون التمتُّع الكامل بعد البعث حين تلتقي الأرواح بالأجساد اللقاء الذي لا مفارقة بعده؛ لأنه إذا التقت الأرواح في البعث فلا مفارقة، تبقى أبد الآبدين، وحينئذٍ يحصل كمال النعيم.

ثم قال: {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}:

الفرح ضد الحزن، وهو قريب من معنى السرور، والمعنى أنهم مسرورون بما آتاهم الله من فضله.

وقوله: {فَرِحِينَ} منصوبة على الحال. ولكن هل هي حال من الضمير المستتر في (أحياء) {بَلْ أَحْيَاءٌ} أي حال كونهم فرحين، أو حال من الظرف {عِنْدَ رَبِّهِمْ} أي: من متعلق

<<  <  ج: ص:  >  >>