والإيمان بالرسل يتضمن تصديقهم فيما جاءوا به من الوحي، ويتضمن التعبَّد لله بشريعتهم على من أُلزموا باتباعه، وبعد بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يُلزم الخلق إلا باتباع النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، فإنَّ شريعته نسخت جميع الأديان. إذن كيف نؤمن بعيسى مثلًا؟ نؤمن بأنه رسول الله حقًّا، وأن الله أنزل إليه الكتاب، وأنه صادق بما جاء به من الرسالة، وأما شرعه فلسنا مأمورين باتباعه، فنحن مأمورون بالإيمان به فقط.
إن تؤمنوا بقلوبكم وتتقوا بجوارحكم، فلكم أجر عظيم، (الإيمان بالقلب) هو الإقرار المتضمِّن للقبول والإذعان. و (التقوى) هي اتخاذ وقاية من عذاب الله عزّ وجل، وذلك بفعل أوامره، واجتناب نواهيه، وهذا أجمع ما قيل في التقوى، ولكن ليعلم أن التقوى قد تقرن بالبِّر، وقد تُقرن بالإحسان {وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا}[النساء: ١٢٨]، وقد تُقرن بالإصلاح، فإذا قُرنتْ بمثل هذا تُفسَّر بأن المراد بها تقوى المحارم، يعني اجتناب محارم الله، أما إذا أُطلقت فإنها تشمل الأوامر والنواهي، وهذا كثير، فإن من الأسماء ما إذا قُرِن مع غيره صار له معنى، وإذا وحِّد صار له معنى، لكن أيهما أشمل أو أعم إذا قُرِن أو إذا أُفرد؟ .
الجواب: إذا أُفرد لأنه إذا قُرِن مع غيره فهذا الذي قُرن معه سيأخذ جانبًا كبيرًا من المعنى.