قد افتقر لأنه يطلب القرض منا -نسأل الله العافية- ولم يعلم هؤلاء البلهاء إن كانوا صادقين فيما ادّعوا وهم كاذبون في هذا، لكن تنزلًا معهم نقول: إن الله عزّ وجل جعل الإنفاق في سبيله له بمنزلة القرض إشعارًا للمنفق بأنه سوف يجازى عليه، كما أن المقترض يجب عليه أن يوفي مقرضه، فهكذا جعل الله العمل له بمنزلة القرض تفضلًا منه عزّ وجل وإحسانًا للعباد، واليهود لا يُستغربُ منهم أن يصفوا الله بمثل هذا، فهم قالوا: يد الله مغلولة، فوصفوه بالبخل، وهم قالوا: إن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام، ثم تعب واستراح يوم السبت، ولهذا يجعلون يوم السبت هو يوم الراحة عندهم -قاتلهم الله- وهم كاذبون في هذا، قال الله تبارك وتعالى:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ}[ق: ٣٨].
قوله:{الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ} وليتهم اقتصروا على هذا القول -مع كونه من أعظم المناكر- لكنهم قالوا:(ونحن أغنياء) فجعلوا أنفسهم أكمل من الله، وهذا غاية ما يكون من الوقاحة.
قال تعالى:{سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا}:
وإضافة الكتابة إليه لأن جنوده يكتبون ذلك، ودليل هذا قوله تعالى: {كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (٩) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (١٠) كِرَامًا كَاتِبِينَ} [الإنفطار: ٩ - ١١]، وقوله تعالى وهي أصرح:{أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ}[الزخرف: ٨٠]، إذن الكتابة هنا كتابة الله عزّ وجل بملائكته؛ لأنهم يكتبون