للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتضمن القبول والإذعان، يعني الانقياد، فأما إذا لم يقبل أو قبل ولم يذعن فإنه ليس بمؤمن.

وقوله هنا: {أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ} قد يقول قائل: هل الإيمان يقتصر على ركن واحد؟ وهو الإيمان بالله.

فالجواب: أن من آمن بالله آمن بكل ما أخبر الله به ومنه بقية الأصول الستة: "ملائكة الله، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره".

فعلى هذا يكون الإيمان بالله متضمنًا للإيمان ببقية أركان الإيمان، ويكون ذكرها أحيانًا مفصلة من باب التفصيل والبيان وليس من باب التخصيص، فإن الإيمان بالله يتضمن هذا كله.

{أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا}: يعني أقررنا بذلك مع الانقياد والقبول والإذعان.

{رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا}: أي: بسبب إيماننا اغفر لنا ذنوبنا. و"المغفرة": هي ستر الذنب والتجاوز عنه، وإنما نقول: إنها ستر وتجاوز لأنها مأخوذة من "المِغْفَر" وهو ما يلبس على الرأس من الحديد الذي يقي السهام، ومعلوم أن هذا "المِغْفَر" فيه ستر وفيه وقاية، فمن قال من العلماء: المغفرة هي الستر فإن تفسيره لها ناقص، لابد أن يقال: الستر مع الوقاية.

وقوله: {فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا}:

الذنوب: هي المعاصي، وأصلها "النصيب" كما قال تعالى: {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ} [الذاريات: ٥٩] أي: نصيبًا مثل نصيب أصحابهم، ولكنها خصت بالنصيب من الآثام والعياذ بالله.

<<  <  ج: ص:  >  >>