للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا}:

السيئات طلبوا تكفيرها، والذنوب طلبوا مغفرتها؛ لأن السيئات: هي "الصغائر" وهي تكفّر بالأعمال الصالحة؛ بالطاعات، ولا يمكن أن تكفر بالطاعات إلا بعد أن تكون الطاعات على الوجه الأكمل؛ لأن الطاعات إذا نقصت لم تقوَ على تكفير السيئات. إذ إن الإنسان قد يفعل الطاعة ولا يحصل له منها إلا إبراء الذمة، لكن لا تقوى على التكفير حتى تكون "تامة" بقدر المستطاع، ولهذا قالوا: {وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا} بما نفعله من الأعمال الصالحة.

ثم اعلم أن تكفير السيئات قد يكون معيَّنًا من قبل الشرع، أي: ما يكفَّر به قد يكون معينًا من قبل الشرع مثل كفارة الظهار، وكفارة القتل، وكفارة الجماع في نهار رمضان. فهذا مقيد بالشرع، وقد يكون عامًا كتكفير السيئات عمومًا بالصلاة، وبالوضوء، وبالجمعة إلى الجمعة، وبرمضان إلى رمضان، وبالعمرة إلى العمرة. فالتكفير إما مقيد وإما مطلق عام.

وهناك فرق بين الكبائر والصغائر؛ فإن الكبيرة أحسن ما قيل فيها: هي ما رتب عليه عقوبة خاصة، سواء كانت العقوبة دنيوية أو دينية في الدنيا أو في الآخرة، هذا أحسن ما قيل فيها، وهو الذي ذكره شيخ الإسلام رحمه الله. وقال بعضهم: إن الكبيرة ما رتب عليه حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة، أو لعنة أو غضب أو نفي إيمان، أو تبرؤ منه، وصاروا يعدّون مثل هذا.

فإذا قلنا: ما رتب عليه عقوبة خاصة صار أشمل، ومن المعلوم أن الكبائر بعضها أهون من بعض أو أعظم من بعض؛

<<  <  ج: ص:  >  >>