للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنه قول عمر للعباس: قم فادعُ الله، فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعمِّ نبينا (١).

وهذا النوع السابع ينبغي أن يُلاحَظ منه ما أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه إذا طلب منه أن يدعو له فإنما يقصد بهذا منفعة الداعي وأجره؛ لأن الداعي يؤجر إذا دعا لأخيه، وإنما قال ذلك احترازًا مما إذا أراد الطالب نفع نفسه فقط. قال: فإن هذا من المسألة المذمومة، أن تقول: ادعُ الله لي. وقصدك منفعة نفسك.

بل قل: ادعُ الله لي، وتقصد أن ينتفع هو أيضًا بدعائه لك؛ لأنه يؤجر على الإحسان إليك؛ لأنه إذا دعا لك بظهر الغيب، قال الملك: آمين ولك بمثله. هذا إذا أردت أن تطلب من شخص أن يدعو لك أنت خاصة، أما إذا طلبت منه أن يدعو للمسلمين عمومًا فهذا ليس من المسألة المذمومة، حتى وإن لم تلاحظ نفعه هو. ونظيره: لو أنك سألت رجلًا درهمًا لنفسك، أو قلت: أعطني درهمًا لفلان الفقير، كان الأول من السؤال المذموم، والثاني من الإحسان إلى المعطي وإلى المعطى؛ لأنك تنفع المعطي في الآخرة، وتنفع المعطى في الدنيا.

فهذه سبعة أنواع من التوسل كلها جاءت بها السنة وهي جائزة، لأنها حقيقة سبب من الأسباب، والوسيلة هي أصلًا تشبه الوصيلة، والسين والصاد يتناوبان كثيرًا. كما في قوله تعالى:


(١) رواه البخاري، كتاب الجمعة، باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا، رقم (١٠١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>