للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير محبة الثواب، فإذا وقع في قلبك محبة الله نسيت كل شيء حتى الجنة، فتحبه حتى إنك ترى أن كل شيء يضمحل ويكون عبدًا لله أمامك. ولهذا جاء في الحديث -وإن كان فيه ما فيه- "أحبوا الله لما يغذوكم به من النعم" (١)، وكل النعم من الله: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: ٥٣] , وأكبر نعمة على الإنسان هي أن يهديه للإسلام كما قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: ٣] , الإنسان الذي هداه الله للإسلام ليس أحد من الناس مثله في النعمة إلا من أنعم عليه بها، فأنت في الحقيقة تحب الله نفسه لذاته ولما أنعم عليك به من النعم، وليست محبة الله كمحبة الزوجة أو كمحبة الطعام، أو كمحبة الشراب، أو كمحبة اللباس، أو كمحبة السكن، أو كمحبة السيارة؛ كلا فإن محبة الله لا يشبهها شيء، وجرِّب تجد، اجعل قلبك صافيًا يومًا من الدهر وصلِّ وكن متصلًا بالله في صلاتك تجد شيئًا لا يخطر بالبال. وتجد شيئًا يبقى أثره مدة طويلة وأنت تتذكر تلك اللحظة التي كنت فيها متصلا بربك عزّ وجل.

قالحاصل: أننا نقول: لا أحد ينكر محبة الله نفسِه إلا من حُرمها، والله لو نعتقد أننا نحب ثواب الله دون الله ما حرصنا كل الحرص على الأعمال الصالحة، مع أننا مقصرون لم نعمل شيئًا، لكننا نقول: إن الإنسان يعمل العمل الصالح لله، لا يعني ذلك أننا لا نلاحظ ونحتسب الثواب. لسنا صوفية يقولون: من عمل للثواب فهو للتراب، بل نقول: نحن نحب الله ونحب ثوابه. لكن الأصل


(١) رواه الترمذي، كتاب المناقب، باب مناقب أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، رقم (٣٧٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>