للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو محبة الله، ولهذا قال الله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: ٢٦] , والحسنى: الجنة كلها بما فيها من نعيم، والزيادة: هي النظر لوجه الله. فجعل النظر لوجه الله أمرًا زائدًا على النعيم؛ لأن الإنسان -جعلني الله وإياكم ممن ينظر إليه- إذا نظر إلى ربه جل وعلا فهذا أكمل ما يجد من النعيم واللذة. فلهذا نقول: إن محبة الله عزّ وجل حقيقة ولا مانع منها.

أما قولهم: إن المحبة لا تكون إلا بين متلائمين ولا ملاءمة بين الخالق والمخلوق.

فالجواب عنها أن نقول لهم: إن هذه دعوى باطلة يبطلها الواقع، ألستم تحبون منازلكم وثيابكم ومركوباتكم، ولو أن إنسانًا عنده بعير صلف شديد لا يحجزه اللجام، وبعير سهل الانقياد سلس المشي فأيهما أحب إليه؟ الثاني أحب إليه، ثم على فرض أن هذا يكون بين المخلوقات، وليس بين الخالق والمخلوق، فيقال: إن الله أثبت وهو أعلم أنه يُحِب وُيحَب. إذن في هذه الآية رد على من ينكر محبة الله، المحبة بين الإنسان وبين الرب. والناس في هذا ثلاثة أقسام:

قسم قال: لا محبة بين العبد والرب من الجانبين، وقسم قال: لا، بل تثبت المحبة بين العبد والرب من الجانبين. والثالث قال: إن الله يُحَب ولا يُحِب. والقرآن والسنة يرد على طائفتين ويؤيد طائفة، من نفى المحبة بين الطرفين فقوله باطل، ومن تناقض فأثبتها من جانب العبد دون الرب فقوله باطل أيضًا، فالأول قوله باطل وإن كان قوله مطردًا، فقوله مطرد لكنه باطل. والثاني قوله متناقض وهو باطل أيضًا، ومن أثبتها بين العبد

<<  <  ج: ص:  >  >>