نصَّ على آله لكثرة الرسل فيهم ولاسيما أن فيهم أفضل الرسل محمدًا - صلى الله عليه وسلم -؛ فإن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - من آل إبراهيم.
وآل عمران: آل عمران اختلفوا في المراد بهم، فقيل: آل عمران أبي موسى؛ لأن موسى أفضل أنبياء بني إسرائيل. وقيل: آل عمران أبي مريم، ومريم ابنة عمران، فذكر آل عمران لأن فيهم آخر الرسل قبل محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو: عيسي ابن مريم الذي ينتمي إليه النصارى، وخص آل عمران بذلك لأن المقام يقتضيه أيضًا، فإن هذه السورة نزل أولها في وفد نجران وهم من النصارى. وسواء كان هذا أم ذاك فإنه يدل على أن الله اصطفى هذه القبيلة، قبيلة إبراهيم، فهو مصطفى من مصطفى. اصطفى آدم، وهذا الاصطفاء الأول، ونوحًا، وهذا الاصطفاء الثاني، وآل إبراهيم الثالث، وآل عمران الرابع. فكان هؤلاء السادة من البشر هم الذين اصطفاهم. ومعنى الاصطفاء: أن الله اختارهم وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلًا، كما قال تعالى:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}[الإسراء: ٧٠]، ليس على كل من خلقنا، بل على كثير ممن خلقنا تفضيلًا. والاصطفاء بمعنى الاختيار؛ لأن أصله مأخوذ من الصفوة، وصفوة الشيء خياره، واصطفى أي أخذ صفوته.