للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، وهذا لا ينافي أن يكون جنس العرب أفضل من غيرهم كما حققه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، في كتاب (اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم) وأدلته ما سبق.

٤ - ما ذكره بعض أهل العلم من أن الصالحين من البشر أفضل من الملائكة، لقوله: {عَلَى الْعَالَمِينَ}. والملائكة عالم فيكون المصطفون من هؤلاء أفضل من الملائكة، واستدلوا بأدلة أخرى، كأمر الله للملائكة بالسجود لآدم وغير ذلك. وعندي أن البحث في هذه المسألة من فضول العلم؛ لأنه أيُّ فائدة لنا إذا قلنا: إن فلانًا أفضل من جبريل أو جبريل أفضل من فلان، أو إن الصالحين من بني آدم أفضل من الملائكة أو الملائكة أفضل من الصالحين؟ نحن نعلم أن الملائكة مقربون عند الله {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: ٢٠]، وأنهم كرام {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (١٠) كِرَامًا كَاتِبِينَ} [الانفطار: ١٠، ١١]، {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [عبس: ١١ - ١٦]، أما أنهم أفضل من الصالحين من بني آدم أو الصالحون من بني آدم أفضل منهم فهذا شيء لم نكلف به. ولذلك لم تأتِ السنة بالتمييز بين هؤلاء وهؤلاء أو بالتفضيل، أعطت لهؤلاء فضلهم ولهؤلاء فضلهم، ولو كان هذا من الأمور التي لابد من اعتقادها ولا يتم الإيمان إلا بها لكان الله ورسوله قد بيَّناه. ولكن إذا ابتلينا بمن يقول: بيِّن أيهما أفضل؟ فنقول: العلماء في ذلك اختلفوا، وجمع شيخ الإسلام رحمه الله بين هذين القولين؛ فقال: إن الملائكة أفضل باعتبار البداية، وصالح

<<  <  ج: ص:  >  >>