للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا}.

يعني ويكلمهم وهو كهل من الحادية والثلاثين إلى الأربعين، وفي هذه الحال ليس غريبًا أن يكلم الناس، ولكنه أتى بها لفائدة، وهي أن كلامه في المهد ككلامه وهو كهل؛ يعني ليس ككلام الصبي الذي يتكلم في المهد كلام أطفال، بل كلامه فصيح من أبلغ الكلام كما يتكلم به وهو كهل.

قال: {وَمِنَ الصَّالِحِينَ}.

وهو من الصالحين، وسبق لنا أن الصالح من صلحت سريرته وعلانيته، يعني ظاهره وباطنه، باطنه: بالإخلاص لله والطهارة من كل شرك ونفاق وشك وأحقاد وبغضاء للمؤمنين وما أشبه ذلك.

وظاهره: بالمتابعة للرسول عليه الصلاة والسلام وعدم الابتداع، فهو عليه الصلاة والسلام من الصالحين الذين صلحت ظواهرهم وبواطنهم، وإن شئت فقل: سرائرهم وعلانيتهم.

{قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ}.

{قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ} هي الآن تخاطب الله، والذي كان يخاطبها الملائكة أو جبريل، لكنها لما قالوا إن الله يبشرك وعلمت أن الأمر من الله وجهت الخطاب إليه سبحانه وتعالى فقالت: {رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ}، وتأمَّل هذا الاستعطاف منها حيث قالت: {رَبِّ} ومعلوم أن كلمة رب هنا مضافة إلى ياء المتكلم التي حذفت للتخفيف وأصلها (ربِّي أنَّى يكون لي ولد).

وقولها: {أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ} هذا استفهام يعني: من أين يكون لي الولد ولم يمسسني بشر, وهذا الاستفهام ليس على

<<  <  ج: ص:  >  >>