سبيل الشك، وليس على سبيل الاستبعاد، ولكنه على سبيل الاستثبات وزيادة الطمأنينة كقول إبراهيم:{رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى}[البقرة: ٢٦٠]، ولم يكن ذلك عن شك.
وقوله:{وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ} الجملة حالية؛ يعني والحال أنه لم يمسسني بشر، أي: لم يجامعني؛ لأن المس يطلق على الجماع؛ ويكنى به عنه كما قال تعالى:{لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ}[البقرة: ٢٣٦]، أي: تجامعوهن، {وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ}، فمن أين يكون الولد؟
{قَالَ كَذَلِكِ}، قال الله عزّ وجل لأنها نادت الله {رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ}{. . . قَالَ كَذَلِكِ}، يعني الأمر كذلك، فالجار والمجرور خبر لمبتدأ محذوف تقديره (الأمر) وعلى هذا فيحسن الوقوف هنا، أي يحسن أن تقف فتقول: كذلك، ثم تبتدئ فتقول:{اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ}، وهذا التركيب له نظائر في القرآن، مثل قوله:{كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ}[الدخان: ٥٤]، وإنما تأتي هذه الصيغة للتقرير والتثبيت، يعني الأمر مثلما وقع تمامًا.
{اللَّهُ} مبتدأ، وجملة يخلق خبر؛ أي: أن الله سبحانه يخلق ما يشاء سواء كان على وفق العادة أو على خلاف العادة، فعيسى عليه الصلاة والسلام جاء على خلاف العادة، لكن مثله عند الله كمثل آدم خلقه من تراب -أي خلق آدم من تراب- ثم قال له كن فيكون، فالله على كل شيء قدير.