للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول، ومعلوم أن المسبب يأتي مقارنًا للسبب .. على قراءة النصب (كن) سبب، و (فيكون) مسبب، ومن المعلوم أن المسبب يأتي عقب السبب فورًا؛ لأنه سببه، والسبب مقارن للمسبب، وعلى هذا فتكون كل من القراءتين مفيدة لمعنى غير المعنى الثاني، لكنهما متلازمان.

هنا مسألة: إذا قال الله: {كُنْ} فهل يقول: {كُنْ} فقط فيقع الشيء على مراد الله، أو لابد أن يقول كن ويبين ما يكون؟ لننظر في حديث القلم، لما خلق الله القلم قال له: اكتب. هل كتب أم لم يكتب؟ لم يكتب، بل قال: ربِّ وماذا أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة (١)، فالظاهر -والله أعلم- أن الشيء إذا قال الله له كن فلابد أن يعين ماذا يكون، بدليل حديث القلم، ولكنه إذا عين ما يكون فلابد أن يكون الشيء على ما عيِّن، فالقلم لا يعلم الغيب، لكن لما قال له الرب عزّ وجل: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة فكتب، يعني أن الله أعلمه فكتب. فهذا هو الظاهر، وإذا كان الله عزّ وجل إذا أمر فقال كن كان على مراد الله، فليس هذا بغريب على قدرة الله، إن الله تعالى يجعل هذا الشيء يخضع لأمر الله الذي أراده عزّ وجل، وإن كان لم يطلعه عليه، لكن الذي يترجح عندي بناءً على حديث القلم أن الله عزّ وجل يأمره أن يكون ويبين ما يكون عليه.

{وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}.


(١) رواه الترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة {ن وَالْقَلَمِ}، رقم (٣٣١٩). ورواه أحمد، في مسنده، رقم (٢٢١٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>