للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَيُعَلِّمُهُ}: الضمير يعود على عيسى، والفاعل هو الله عزّ وجل يعلمه الكتاب؛ لأن عيسى كغيره من البشر لا يعلم إلا ما علمه الله، قال الله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجن: ٢٦ - ٢٧].

و{الْكِتَابَ} بمعنى المكتوب, وهل المراد أنه يعلمه الكتابة، يعني يحسن الخط، أو المراد أنه يعلمه الكتب السابقة؟

الجواب: كلاهما لا يتنافيان، علمه الكتابة فكتب، وعلّمه الكتب السابقة وعلّمه التوراة والإنجيل, والتوراة من باب عطف الخاص على العام لشرفه، وأما الإنجيل فإنه لم ينزل على أحد قبل عيسى.

وقوله: {وَالْحِكْمَةَ} يعني الشريعة؛ لأن الشريعة من الله، وكل ما كان من الله فهو متضمن للحكمة، قال الله تعالى لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء: ١١٣]، فالحكمة: هي الشرع، وهو موافق لمن فسر ذلك بالسنة؛ لأن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - هي شرعه الذي جاء به من الله، فعلمه الله عزّ وجل الحكمة، و (ال) في (الحكمة) للعهد الذهني، يعني الشرع الذي شرعه الله لعيسى وليس كل الحكمة بل الحكمة التي شرعت له.

{وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ}.

التوراة: الكتاب الذي أنزله الله على موسى، والإنجيل الكتاب الذي أنزله الله على عيسى، التوراة كتبها الله تعالى كتابة {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ}

<<  <  ج: ص:  >  >>