سابقة، إذ لم تنزل شريعة على البشر قبل آدم عليه الصلاة والسلام، فلهذا يترجح تعريف الجمهور في النبي والرسول. وإذا قلنا: إن النبي من أوحي إليه بشرع فلا يمنع أن يكون هذا الشرع الذي أوحي إلى النبي هو شرع من قبله يوحى إليه تأكيدًا وتثبيتًا.
فإن قال قائل: ورد في صحيح مسلم: "إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقًّا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شرّ ما يعلمه لهم"(١)، فهل يدل ذلك على أن النبي يبين لأمته ما يبينه الرسول، وعليه فلا فرق بين النبى والرسول؟ .
الجواب: لا يدل؛ لأن هذا الحديث إن قلنا إنه يبين بأمر الله فهو رسول، وإن قلنا يبين تطوعًا من غير أن يلزم بذلك لكن لمحبته الخير فهو نبي، مع أن المراد بهذا الحديث الذي ذكرته أن النبي الذي هو الرسول، ولهذا يذكر الله كثيرًا النبيين دون الرسل، ويذكر الرسل دون النبيين، {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ}[الإسراء: ٥٥]. وفي آية أخرى:{تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}[البقرة: ٢٥٣].
قال:{وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ}(بنى إسرائيل) , وهل هذه اسم قبيلة أو اسم أشخاص معينين؟
الجواب: أنه اسم قبيلة، كما يقال: بنو تميم، والعلماء -رحمهم الله- يفرقون بين ابن وبني إذا كان اسمًا لقبيلة أو اسمًا لشخص معين. وذكروا ذلك في باب الوقف وفرَّعوا عليه مسائل؛ فإذا قلت: هذا وقف على بني فلان وهم قبيلة كبني تميم مثلًا،
(١) رواه مسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول، رقم (١٨٤٤).