الوجه الأول: مما قاله العلماء وهو صحيح أن عيسى عليه الصلاة والسلام خلق من غير ما جرت العادة به، خلق على وجه لم تجرِ العادة بمثله إطلاقًا، فناسب التعبير بالخلق الدال على الإبداع، ولهذا يقال: خلق الله السموات ولا يقال: فعل الله السموات، مع أن الخلق فعله لكن الخلق فيه نوع من الإبداع ولذلك قال:(خلق).
الوجه الثاني: الرد على شبه النصارى الذين يقولون: إن عيسى هو الله، والله ثالث ثلاثة، فيكون فيه التصريح بأنه مخلوق، ويكون هذا قطعًا لدابر قولهم فيه، إذن نكتة كونية ونكتة شرعية، يعني حكمة كونية شرعية.
فيها قراءتان: قراءة بكسر الهمزة وفتحها، وبفتح الياء مع فتح الهمزة ثلاث قراءات ... (أَنِّيَ)(أَنِّي)(إِنِّي).
{فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ} , يكون هذا الشيء طيرًا.
وقوله:{أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ} أي: كمثله وصورته، فينفخ فيه فيكون طيرًا، وفي قراءة سبعية (فيكون طائرًا بإذن الله)، والقراءتان لكل واحدة منهما معنى يكمل الأخرى، فقوله:(يكون طيرًا) الآية، أي طيرًا حيًّا بعد أن كان على صورة الطير وليس فيه روح، وقوله:(يكون طائرًا) أي: يطير، تشاهدونه يطير بالفعل، فعندنا ثلاث مراتب: